الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

مع الإعجاز النباتي





بات اليوم عند المسلمين علم كبير اسمه علم الإعجاز في القرآن والسنة , وهذا العلم لكبره فقد تم تقسيمه إلى فروع عدة , ولفت انتباهي وأنا أتصفح أحد
المواقع الإعجازية حديثهم عن الإعجاز النباتي في القرآن والسنة , ومن خلال مطالعتي لهذه الموضوعات لاحظت ذلك القدر المهول من الاستخفاف بعقل القارئ , من خلال تدليس الحقائق العلمية مع آياتهم القرآنية , وما يجدر ذكره في هذا الشأن , هو أن أغلب تلك الإعجازيات تحتاج أولا أن يكون الشخص مؤمناً بإلوهية مصدر القرآن , وأن يكون مؤمناً بوجود الخالق , والذي من خلاله يحاولون أن ينسبوا الظواهر الطبيعية إليه , ففي هذا الرابط , نجد أن أحدهم قد خلط بين معرفة الإنسان القديمة بحاجة النبات للماء كي ينمو , مع ما وضحه العلم من طريقة حدوث الإنبات , ليأتي ويزج بآية قرآنية (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُون ) ويتخذها حجة على الذين كفروا , بأن كيف عرف محمد هذا قبل 14 قرناً , بل ويقول هذه الآية من آيات الإعجاز النباتي في القرآن الكريم والقرآن كله معجز فقد تحدى الله سبحانه وتعالى من ينحرفون عن الحق إلى الباطل ومن يجعلون مع الله آلهة سواء كانت أصناماً أو أناساً أو ظواهر كونية، أو آلهة مادية أو أيديولوجيات غير إيمانية تحداهم الله سبحانه وتعالى بأنهم لن يستطيعوا إنبات بذرة واحدة من بلايين البذور والحبوب التي تنبت كل لحظة على الأرض لتعطي الأشجار والحدائق ذات البهجة والرونق.
وهنا من حقنا أن نطلب من إلهه الذي يستطيع فعل أي شيء أن ينبت النبات من دون الحاجة للماء لو كان يستطيع , ونسأل هنا : وهل ادعى ملحد أو عالم من العلماء أنه هو من أنبت الحب والبذور , فلماذا ننسب ظواهر الطبيعة , والتي نعلم أسبابها , وكيفيتها , ومحفزاتها إلى إلهكم !!!
أما النقطة الأكثر أهمية من هذا كله , فهي إصرار رب محمد على أن الماء هو من يحيي الأرض بعد موتها , ولو جئت بإله محمد وأمطاره وألقيت بهم في صحراء الربع الخالي فلن تنبت بذرة واحدة , حتى ولو ملأنا الأرض بالبذور , فإلههم المعجز الخارق الحارق , لم يكن له أن يعلم عن الأسمدة التي توفر المواد العضوية اللازمة لنشأة النبات , وأصر في أكثر من آية بأنه وبأمطاره سوف يحيي الأرض بعد موتها .

طبعاً , أود التأكيد بأن ما نقوله ليس بالضرورة سبباً ليجعلنا نلحد بإلههم , فلنا مع الله قصة أخرى ,وليس أيضاً من المواد التي قد نستخدمها في التشكيك بدينهم المهترئ , وللأمانة العلمية فليس كل المسلمين يعترفون بتلك الخزعبلات ,ولكن هنا نوجه استفساراً للإعجازيين الذين ما فتئوا , يذكرونا بأن ربهم لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلا وقد أحصاها في قرآنه , ورغم ذلك فإنك لن تجده قد وفّى الأمر حقه , وذكره بمعلومات لم تكن لتختلف عما يشاهده العربي القديم في ذلك الزمن , فالإنسان لم يكن بحاجة لإله محمد كي يستبشر بالمطر الذي سوف يروي أرضه وزرعه , وماشيته , ولكن ذلك العربي لم يكن يعرف بالمواد العضوية ومدى أهميتها للزرع , فغابت تلك الحقائق عن بال رب محمد , واستغل مشاهدات العربي البسيطة , والتي يعرفها صغيرهم وكبيرهم و ليوهمهم بقوته وجبروته ,
أما ما يثير السخرية من أولئك الناس , هو ما رأيته في
هذا المقال , حيث الربط اللامعقول بين عملية الإنبات , والبعث الذي يدعون , واستدل بالآية القرآنية : " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج. والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج. تبصرة وذكرى لكل عبد منيب. ونزلنا من السماء ماءً مباركًا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد. والنخل باسقات لها طلع نضيد. رزقًا للعباد وأحيينا به بلدة ميتًا كذلك الخروج " [ق: 6-11].
حيث يزج شيخنا بين المعلومات الموجودة في الكتب العلمية , وما بذله العلماء من الجهد لتفسير تلك الظواهر , مع الاكتشاف الإلهي الرهيب والذي لم يكن يعلمه أحد من قبل , حيث اكتشف إله محمد أن الماء لازم لعملية الإنبات , ألا لعنة الله عليكم أيها الملاحدة الملاعين , من خبّر محمداً بها قبل 1400 سنة , وكيف عرف محمد أن الماء لازم لإنبات البذرة .
وطبعاً يطلب من حضرتكم نزع عقولكم ووضعها جانباً لحظة قراءة تلك الإعجازيات الخارقة الحارقة المضادة للطيران والدبابات حتى لا تحترق أمخاخكم من تلك الومضات الربانية .
ويمضي ذلك الإعجازي في دربه ليقول بأن عملية البعث سوف تكون مشابهة لعملية الإنبات , حيث يقول ربهم كذلك الخروج والخروج هنا هو البعث , وأتمنى منكم أيها العقلاء أن تفهموني كيف لنا أن نربط بين تلك الظاهرتين , وهل لو ذهبت إلى المقبرة ورششت القبور بالماء فسوف يخرج إلينا أمواتنا من قبورهم .

ألا تعساً للقوم الجاهلين


أخوكم سهران

السبت، 26 ديسمبر 2009

الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

يسألونا من الخالق , ونسألهم أين المخلوق


في نقاشاتنا مع المؤمنين , هناك دائماً محاولة لإنهاء الحوار منهم بسؤال يبدو للوهلة الأولى منطقياً , وهو إن كنتم لا تؤمنون بوجود الله فمن خلقكم ؟؟؟ إذ المخلوق لابد له من خالق , والموجود لابد له من موجد , ولكن حتى يكون السؤال منطقياً فيجب عليهم أولاً أن يجيبونا على سؤالنا وهو : أين هذا المخلوق الذي خلقه إلهكم ؟؟؟وحتى نضع النقاط على الحروف , فإنه لابد لنا أولاً أن نذكركم بأن مفهوم الخلق قد جاءنا من خلال الأديان , وبالتالي فإننا حتى نفهم هذا المصطلح فلن نعود إلا لكتب الدين , وشروحه التي تصف الخلق :
يقول محمد في قرآنه :
( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )يس 82
وفي المنتخب : إنما شأنه فى الخلق إذا أراد إيجاد شىء أن يقول له: كن، فيكون فى الحال وكما يقول بعض العلماء: إن أمره سبحانه بين الكاف والنون
وفي تفسير الطبري : قَالَ : هَذَا مَثَل إِنَّمَا أَمْرُه إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون , قَالَ : لَيْسَ مِنْ كَلَام الْعَرَب شَيْء هُوَ أَخَفّ مِنْ ذَلِكَ , وَلَا أَهْوَن , فَأَمْر اللَّه كَذَلِكَ
وهنا يجب أن نلفت بأن الخلق سوف يسبقه الإرادة الإلهية , وهي كما قال علماء الإسلام بين الكاف والنون , وكن هي من الكلمات الصغرى في العربية , وإرادة الله أخف منها , كما يقول شيوخهم ,وعندما يريد إلههم شيئا فإنه يكون في التو والحال .
ويقول ابن كثير :أَيْ إِنَّمَا يَأْمُر بِالشَّيْءِ أَمْرًا وَاحِدًا لَا يَحْتَاج إِلَى تَكْرَار وَتَأْكِيد
أي أن أمر الله بالخلق سوف يكون واحدا , ولمرة واحدة فقط , ولن يحتاج الله لإعادة أمره قط
, ولكن هل كانت هذه الإرادة الإلهية بمثل ما ادعوه ؟؟؟
يقول محمد في قرآنه : {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (59) سورة الفرقان
وهنا يحق لنا أن نسأل وبمنطقية شديدة : أين ذهبت هذه الإرادة التي هي كن فيكون ؟؟؟ وهل خلق الكون في ستة أيام هو بين الكاف والنون يا مسلمين ؟؟؟
وطبعا لست بحاجة للتذكير بتناقض هذه الآية مع ما أثبتته العلوم من أن تشكل هذا الكون قد بدأ من 13 مليار سنة ولا يزال الكون يتمدد , فإن كان الله بإرادته الموجودة بين الكاف والنون هو من خلق هذا الكون , فما بال هذا الكون يتمدد إلى يومنا هذا , وهل أفلت زمام الأمر من إلههم ؟؟؟
هل ما نراه يوميا من أناس تولد وآخرون يموتون هو تلك الإرادة الواحدة التي لن تتكرر ؟؟؟ وإن كان الله قد خلق الكون كله بين كافه ونونه فلماذا لم ينشئ الكون كله مرة واحدة ؟؟؟
لا تنتظروا من المؤمن جوابا منطقياً , وانتظروا التلاعب اللفظي بالكلمات , وليذهب المنطق والعلوم إلى الجحيم .
وفي
صحيح البخاري / كتاب الطب ,حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شُعبة، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال: (اسقه عسلاً). فسقاه فقال: إني سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال: (صدق الله وكذب بطن أخيك). تابعه النضر، عن شُعبة.

هكذا يعلم محمد أتباعه كيف يتملصون من الإجابة , فالله صادق مهما تبين لنا من تناقضه مع الواقع , فلست أخي المسلم مطالباً بتصديق نظريات التطور , ولا علوم الفيزياء والفضاء , ولكن سلم عقلك لكلام إلهك الطائر .
إن القول بالخلق يعني أن إلههم قد صنع الشيء بذاته دون تدخل من أي قوة خارجية , فإلههم لن يخلق إنساناً واحداً إلا بليلة حمراء بين الرجل وزوجته او معشوقته , فلماذا يعجز إلههم عن خلق الإنسان دون الحاجة للبس اللنجري والثياب الشفافة ؟؟؟ هل يحتاج إلههم لمساعدتنا حتى ينجز خلقه ؟؟؟

الإنسان موجود وليس مخلوق , والطبيعة هي التي أوجدتنا بغير إدراك ولا وعي , كيف ؟؟؟؟ عبر ملايين السنين من التجارب الطويلة التي أدتها الطبيعة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن.





هل خلق إلهكم المطر ؟؟؟ ولماذا لا نرى مطراً ينزل علينا إلا في أوقات معينة من السنة ؟ وفي ظروف جوية معينة ؟
وعلى ما يبدو فإن إلهكم متابع جيد للنشرات الجوية , ولن ينزل علينا الغيث إلا إن تجمعت السحب والكتل الهوائية الباردة فوق سماء غزة ؟ وبعدها فلتغرق غزة من صنيعة هذا الإله العابث..
من الآن , سوف يكون لنا في النقاش مجرىً آخر , فقبل أن تسألونا من الخالق , فعليكم أن تقولوا لنا أين هو هذا المخلوق , ولن نصدق أنه مخلوق حتى تثبتوا لنا بأن إلهكم قال له كن فيكون .
إلهكم خلق السماء وقال لنا انظروا إليها , فأين هي هذه السماء ؟؟؟


أشهد أن لا إله ولا الله
وأشهد أن العقل قد غلب الله


أخوكم سهران


الجمعة، 18 ديسمبر 2009

أختاه اخلعي حجابك


أصبح الحجاب اليوم مظهرا من مظاهر انتشار ما يسميه المسلمون اليوم بالصحوة الدينية , وصار موضوعا مثيرا للنقاش ليس فقط في الشرق الغارق في جهالات الدين وحسب , إنما انتشرت حمى الحديث بشأنه داخل المجتمعات الغربية التي ساءها انتشار هذا اللباس وسط الحضارة والجمال , فصار منظر المحجبة مدعاة للاستفزاز والشعور بمحاولة المسلمين غزو أوروبا من جديد , وذلك لن يكون بالغزو العسكري فقد أصبح المسلمون كما تنبأ نبيهم كغثاء السيل , وصاروا ملطشة الشعوب الأخرى , إنما هذه المرة سيغزونها بالهجرات المتواصلة , والتكاثر العددي عن طريق كثرة الإنجاب وهذا ما يفسر ازدياد أعدادهم في الغرب , بعكس ما يروج له الإسلاميون من انتشار الإسلام بين أوساط الأوروبيين , واليوم أريد أن أقدم لكم قراءة مختلفة نوعا ما عن كتاباتي السابقة , فاليوم سوف أقوم بدور بالتأكيد لن يعجب المسلمين , ولكني أعتبره نوعا من تلطيف الصورة المأخوذة عنهم , وذلك من خلال تفنيد ظاهرة الحجاب ’ ولكن ليس من وجهة نظر لادينية , إنما من خلال النظر في الأدلة الدينية التي يسوق لها دعاة الحجاب , والتبين ما إذا كان الحجاب هو فعلا من شعائر الإسلام الأول , أم أنه من نتاج الفكر الإسلامي الذي تراكم على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان , وهنا أقصد بالإسلام الأول هو ما تركه القرآن وكتب الحديث , والتي تعتبر أقدم ما دون في الإسلام , وقبل أن أبدا في مقالي هذا أود أن أؤكد بأن مقالي هذا لا يعد بأي حال من الأحوال ردة إلى الوراء , كما قد يتوقع بعض الأصدقاء , بل هو محاولة لإظهار تلك القدرة البشرية على اللعب بذلك الدين الذي يسمونه بالسماوي , من أجل فرض آرائهم الخاصة , عن طريق توضيح الفرق بين النصوص التي يتشدق بها المؤمنون , وبين حقيقة ما هو واقع فعليا .



من دراستي لموضوع الحجاب وجدت ضعف الدليل القرآني أو السني لموضوع الحجاب , حيث يتحجج المسلمون بآيات تكاد تكون بعيدة كليا عما هو موجود حاليا , ودعونا ندرس تلك الآيات وهي تنحصر في سورتي النور والأحزاب المدنيتين،وهذه الآيات هي:
* [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ] (الأحزاب: 59).
وهنا نلاحظ أن الآية بدأت بمخاطبة محمد بصفة النبوة كنبي , وليس كرسول , وهنا لن نكون متجنيين على أحد عندما نذكركم بالفرق بين معنى النبوة والرسالة , إذ النبي ينبّأ لنفسه ولا يطلب منه التبليغ , أما الرسول فهو نبي ولكن يطلب منه تبليغ ما بلّغ به , وما يلفت الانتباه في هذه الآية هو أنها لم تأت لتفرض على المسلمة حجابا كالذي نراه اليوم , بل كان له هدف آخر , وكان كما بدا لنا أنه عبارة عن تشريع طبقي , وحتى نتبين أولاْ صدق هذه المقولة فلنعد إلى سبب نزولها أولا وذلك بطبيعة الحال سوف يكون من خلال العودة إلى كتب التفاسير , والتي لولاها لكان القرآن كتابا أجوفا لا معنى له , وخير ما نبدأ به من تفسير الطبري حيث يقول من جملة ما يقول: يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ , لَا يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ فِي لِبَاسهنَّ إِذَا هُنَّ خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتهنَّ لِحَاجَتِهِنَّ , فَكَشَفْنَ شُعُورَهُنَّ وَوُجُوهَهُنَّ , وَلَكِنْ لِيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ , لِئَلَّا يَعْرِض لَهُنَّ فَاسِق , إِذَا عَلِمَ أَنَّهُنَّ حَرَائِر بِأَذًى مِنْ قَوْل ,ويقول ابن كثير : يَقُول تَعَالَى آمِرًا رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَنْ يَأْمُر النِّسَاء الْمُؤْمِنَات الْمُسْلِمَات - خَاصَّة أَزْوَاجه وَبَنَاته لِشَرَفِهِنَّ - بِأَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ لِيَتَمَيَّزْنَ عَنْ سِمَات نِسَاء الْجَاهِلِيَّة وَسِمَات الْإِمَاء , ويقول أيضا : وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو صَالِح حَدَّثَنِي اللَّيْث حَدَّثَنَا يُونُس بْن يَزِيد قَالَ وَسَأَلْنَاهُ يَعْنِي الزُّهْرِيّ هَلْ عَلَى الْوَلِيدَة خِمَار مُتَزَوِّجَة أَوْ غَيْر مُتَزَوِّجَة ؟ قَالَ عَلَيْهَا الْخِمَار إِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَة وَتُنْهَى عَنْ الْجِلْبَاب لِأَنَّهُ يُكْرَه لَهُنَّ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ الْمُحْصَنَات , والوليدة هنا هي الأمة , ويقول أيضا : وَقَوْله " ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ " أَيْ إِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ عَرَفَهُنَّ أَنَّهُنَّ حَرَائِر لَسْنَ بِإِمَاءٍ وَلَا عَوَاهِر , ويقول تفسير الجلالين : "يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ" جَمْع جِلْبَاب وَهِيَ الْمُلَاءَة الَّتِي تَشْتَمِل بِهَا الْمَرْأَة أَيْ يُرْخِينَ بَعْضهَا عَلَى الْوُجُوه إذَا خَرَجْنَ لِحَاجَتِهِنَّ إلَّا عَيْنًا وَاحِدَة "ذَلِكَ أَدْنَى" أَقْرَب إلَى "أَنْ يُعْرَفْنَ" بِأَنَّهُنَّ حَرَائِر "فَلَا يُؤْذَيْنَ" بِالتَّعَرُّضِ لَهُنَّ بِخِلَافِ الْإِمَاء فَلَا يُغَطِّينَ وُجُوههنَّ فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَعَرَّضُونَ لَهُنَّ "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" لِمَا سَلَفَ مِنْهُنَّ مِنْ تَرْك السِّتْر "رَحِيمًا" بِهِنَّ إذْ سَتَرَهُنَّ ,
وهنا أكون قد نقلت لكم من تفسيرات كبار العلماء المسلمين لهذه الآية , لنصل إلى الحقيقة التالية :
إن ما ورد في الآية كان درءا للمخاطر التي سوف تتعرض لها المسلمة الحرة من فساق المدينة , وترك للإماء أن يخرجن بدون جلباب , وهذا يعطينا فكرة واضحة بأن تلك الآية لم تكن إلا تشريعا طبقيا , بهدف الحفاظ على شرف الحرة , بينما تركت الجواري ليكونوا وليمة سهلة للفساق .
أما أكثر ما يثير غرابتي من هذه الآية هو اعترافها بوجود الفساق في مجتمع الرسول الذي ما فتئ شيوخنا يطالبون بالعودة إليه , بل نجد أنه قد كان فيهم العواهر, وجاءت الآية ليس لمنعهم من فعلهم هذا الذي لن تجد دولة متحضرة تقبل به , بل لإعطائهم علامة تدلهم على أي من النساء يعتدون , حيث لن تستطيع بناتنا أن يخرجن من بيوتهن إلا وقد شددن على أنفسهن الجلابيب , ويظهروا عينا واحدة , اتقاء لشر فساق المدينة.



* [ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ] (النور: 30-31).
وقد اختلف المفسرون في تبيان من هي الآية التي سبقت الأخرى في الآيتين السابقتين إلا أن الأرجح لديهم هو أن الآية في سورة الأحزاب قد سبقت تلك التي في سورة النور , ولأننا لا نريد الدخول في جدل عقيم حول ما هي الآية التي سبقت الأخرى , مع ما في ذلك من إنقاص لقيمة الآيتين , ولكن سنأخذ بالقول بأن سورة الأحزاب قد نزلت قبل سورة النور , وبعد أن شرحت لكم الآية في سورة الأحزاب , نأتي للاية في سورة النور , ونلاحظ في الآية أنها قد شرحت وبالتفصيل من هم أولئك الذين سوف تظهر المسلمة زينتها أمامهم , ولكن على فرض أن هذه الآية هي دليل على الحجاب , فلماذا لم يذكر العم أو الخال أو زوج الابنة , مع أننا نعرف تماما أن الإسلام الحالي يبيح للمسلمة كشف شعرها أمامهم , حيث يقول ابن كثير : وَقَالَ لَمْ يَذْكُر الْعَمّ وَلَا الْخَال لِأَنَّهُمَا يَنْعَتَانِ لِأَبْنَائِهِمَا وَلَا تَضَع خِمَارهَا عِنْد الْعَمّ وَالْخَال , ومعنى ذلك أن العم والخال ليسوا ممن يباح للمسلمة كشف شعرها أمامهم لأنهم سوف يذهبوا ويصفوها لأبنائهم . فما بال المسلمين قد أباحوا لبناتهم بكشف زينتهن أمام العم والخال طالما أنه لم يصرح لهم بذلك !!! وتأتي الطبقية التشريعية مرة أخرى لتلقي بظلالها حيث يقول ابن كثير : وَقَوْله " أَوْ نِسَائِهِنَّ" يَعْنِي تَظْهَر بِزِينَتِهَا أَيْضًا لِلنِّسَاءِ الْمُسْلِمَات دُون نِسَاء أَهْل الذِّمَّة لِئَلَّا تَصِفهُنَّ لِرِجَالِهِنَّ وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحْذُورًا فِي جَمِيع النِّسَاء إِلَّا أَنَّهُ فِي نِسَاء أَهْل الذِّمَّة أَشَدّ فَإِنَّهُنَّ لَا يَمْنَعهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَانِع فَأَمَّا الْمُسْلِمَة فَإِنَّهَا تَعْلَم أَنَّ ذَلِكَ حَرَام فتزجر عَنْهُ , أي أنه حتى المسيحية واليهودية لا يجوز للمسلمة أن تكشف زينتها أمامها , بل إنه يكاد يكون مكروها حتى أمام المسلمات أنفسهم حسب قوله , لأنهن سوف يقمن بالوصف , وهنا طبعا نلحظ أن التفسير قد ابتعد عن النص القرآني , وعن ما هو حاصل فعلا في تصرفات المسلمين اليوم .أما وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فقد اختلف المفسرون في تحديد تلك الزينة التي لا يمكن إخفاؤها , ويلاحظ في هذه الآيات عدم ورود نص نبوي يعلق عليها , إلا ما كان من ردود الفعل من قبل الصحابة : وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن يُونُس حَدَّثَنِي الزِّنْجِيّ بْن خَالِد حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم عَنْ صَفِيَّة بِنْت شَيْبَة قَالَتْ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْد عَائِشَة قَالَتْ فَذَكَرْنَ نِسَاء قُرَيْش وَفَضْلهنَّ فَقَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا إِنَّ لِنِسَاءِ قُرَيْش لَفَضْلًا وَإِنِّي وَاَللَّه مَا رَأَيْت أَفْضَل مِنْ نِسَاء الْأَنْصَار أَشَدّ تَصْدِيقًا لِكِتَابِ اللَّه وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَة النُّور " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبهنَّ " اِنْقَلَبَ رِجَالهنَّ إِلَيْهِنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْهِمْ فِيهَا وَيَتْلُو الرَّجُل عَلَى اِمْرَأَته وَابْنَته وَأُخْته وَعَلَى كُلّ ذِي قَرَابَته فَمَا مِنْهُنَّ اِمْرَأَة إِلَّا قَامَتْ إِلَى مُرْطهَا الْمُرَحَّل فَاعْتَجَرَتْ بِهِ تَصْدِيقًا وَإِيمَانًا بِمَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ كِتَابه فَأَصْبَحْنَ وَرَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَجِرَات كَأَنَّ عَلَى رُءُوسهنَّ الْغِرْبَان , و هنا نلحظ أن ذلك الفعل كان من اجتهاد نساء الأنصار , ولم يرد عن الرسول ما يفيد بتأكيد أو نفي هذا العمل , ولو أن المسلمون يعتبرون أن ما سكت عنه النبي يعتبر إقرارا له وبالتالي أصبح سنة , ولو كان فرضا من عند الله لقام إليهم محمد نفسه وأمرهم بذلك , إنما ترك لهم الاجتهاد في فهم تلك الآية , وأقرهم بذلك كونه لم ينفي الأمر , إلا أن الأمر يبقى مجرد سنة وليس فرض كما يحلو للمسلمين القول , أما أغرب ما في التفاسير بخصوص هذه الآية ما نجده في تفسير الطبري حيث يقول : كَتَبَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِمَا : أَمَّا بَعْد , فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاء يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَات وَمَعَهُنَّ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب , فَامْنَعْ ذَلِكَ وَحُلْ دُونه ! قَالَ : ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَة قَامَ فِي ذَلِكَ الْمَقَام مُبْتَهِلًا : اللَّهُمَّ أَيّمَا امْرَأَة تَدْخُل الْحَمَّام مِنْ غَيْر عِلَّة وَلَا سَقَم تُرِيد الْبَيَاض لِوَجْهِهَا , وهنا مع ما نلحظه من كون هذا الفعل من اجتهاد الصحابة , إلا أننا نلحظ أن أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح رفض للمسلمة أن تستحم إلا لعلة أو سقم , ويقولوا بعدها بأن الإسلام قد كرم المرأة , فأي تكريم هذا الذي يريد للمسلمة أن تكون كالجيفة المنتنة , وهل يصح أن تؤخذ اجتهادات الصحابة كمأخذ علينا اليوم !!!



آية الحجاب :
* [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا ] (الأحزاب: 53).
وهذه الآية تعرف بأنها آية الحجاب , ومن اسمها يأتي شيوخ المسلمين ليذكروا المسلمة بحجابها دون أن يذكروا لهم ما هي آية الحجاب , وكثير من المسلمات تظن بأنها الآية 31 من سورة النور سالفة الذكر , إلا أن هذه المعلومة هي من افتراء مشايخ الإسلام ومدعوذيهم , إذ يكفي أن نذكر أولا بأن كلمة الحجاب قد ذكرت في القرآن سبعة مرات , وتعني كلمة الحجاب أي الساتر , ولم تكن تعني حجاب المسلمة إلا في عرف شيوخ اليوم , عن ابن شهاب أن أنسا قال : أنا أعلم الناس بالحجاب كان أبي بن كعب يسألني عنه : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنت جحش وكان تزوجها بالمدينة فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس معه رجال بعد ما قام القوم حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى ومشيت معه حتى بلغ باب حجرة عائشة ثم ظن أنهم خرجوا فرجعت معه فإذا هم جلوس مكانهم فرجع ورجعت معه الثانية حتى بلغ باب حجرة عائشة فرجع ورجعت معه فإذا هم قد قاموا فضرب بيني وبينه سترا وأنزل الحجاب . رواه البخاري ( 5149 ) ومسلم ( 1428 , فهذه الآية وبكل بساطة تطلب من المؤمنين ألا يكلموا زوجات النبي إلا من وراء حجاب وهو الستار الذي يسدل بين غرفهم والمسجد , حيث كانت غرفهن ملاصقة للمسجد , يقول ابن كثير : هَذِهِ آيَة الْحِجَاب وَفِيهَا أَحْكَام وَآدَاب شَرْعِيَّة وَهِيَ مِمَّا وَافَقَ تَنْزِيلهَا قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَافَقْت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلَاث قُلْت يَا رَسُول اللَّه لَوْ اِتَّخَذْت مِنْ مَقَام إِبْرَاهِيم مُصَلًّى فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إِبْرَاهِيم مُصَلًّى " وَقُلْت يَا رَسُول اللَّه إِنَّ نِسَاءَك يَدْخُل عَلَيْهِنَّ الْبَرّ وَالْفَاجِر فَلَوْ حَجَبْتهنَّ فَأَنْزَلَ اللَّه آيَة الْحِجَاب , وَقُلْت لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَمَالَأْنَ عَلَيْهِ فِي الْغَيْرَة " عَسَى رَبّه إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ " فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ ,
وفي تفسير الجلالين : "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ" أَيْ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَتَاعًا فَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب" سِتْر "ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ" مِنْ الْخَوَاطِر الْمُرِيبَة "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُول اللَّه" بِشَيْءٍ "وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجه مِنْ بَعْده أَبَدًا إنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْد اللَّه" ذَنْبًا
ويقول الطبري : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه , إِنَّ نِسَاءَك يَدْخُل عَلَيْهِنَّ الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَلَوْ أَمَرْتهنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب.
وهنا يتضح لنا بأن هذه الآية كانت مقصودة بزوجات النبي , ولم يرد في التفاسير خلاف ذلك .ونلحظ بعدها من الأحاديث التي تتكلم عن الحجاب ورودها على لسان زوجات النبي , دون سواهن من المسلمات .




* [ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ] (الأحزاب: 33).
وهذه الآية يستخدمها شيوخ الإسلام في محاولتهم لاصطياد أي شبهة تفرض على المسلمة ذلك الحجاب , ولكن يتجاهلون أن هذه الآية لها ما قبلها : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً , وهنا نجد مرة أخرى كيف هي الانتقائية في التعامل مع النصوص , فهم يتمسكون بقوله وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى , بينما يتجاهلون أن هذا النص هو مخصص لنساء محمد حيث : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء , فنساء محمد لهن وضع خاص فهن محرمات على المسلمين ولا يجوز نكاحهن بعد محمد , وهن كذلك نزلت فيهن تلك الآية دون سواهن من النساء و ولو جاز للمسلم بأن يقول بأن زوجات النبي هن قدوة لبقية المسلمات , لوجب على المسلمة أن تبقى في بيتها ولا تخرج منه و ولحرم عليها الزواج من بعد زوجها ,
يقول القرطبي : مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة الْأَمْر بِلُزُومِ الْبَيْت , وَإِنْ كَانَ الْخِطَاب لِنِسَاءِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ دَخَلَ غَيْرهنَّ فِيهِ بِالْمَعْنَى . هَذَا لَوْ لَمْ يَرِد دَلِيل يَخُصّ جَمِيع النِّسَاء , كَيْف وَالشَّرِيعَة طَافِحَة بِلُزُومِ النِّسَاء بُيُوتهنَّ , وَالِانْكِفَاف عَنْ الْخُرُوج مِنْهَا إِلَّا لِضَرُورَةٍ , عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْر مَوْضِع . فَأَمَرَ اللَّه تَعَالَى نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُلَازَمَةِ بُيُوتهنَّ , وَخَاطَبَهُنَّ بِذَلِكَ تَشْرِيفًا لَهُنَّ , وهنا أيضا نجد أن تعميم الآية على جميع المسلمات هو نتاج الاجتهاد الفقهي وليس من طريق نص واضح سواء كان قرآنا أو حديثا , وهو وإن كان اجتهادا صحيحا , فالاجتهاد ليس بالدين , بل هو وجهة نظر في الدين , كما أن الآية اختتمت بالحديث عن تطهير آل البيت من الرجس , فإن كان الأمر موجها لآل البيت فما ذنب بقية المسلمات في ذلك , وهل يوجد في كل بيت نبي حتى تعمم هذه الآية على الجميع !!!!
* [ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ] (النور:60).
وفي تفسير الجلالين وَالْقَوَاعِد مِنْ النِّسَاء" قَعَدْنَ عَنْ الْحَيْض وَالْوَلَد لِكِبَرِهِنَّ "اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا" لِذَلِكَ "فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاح أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابهنَّ" مِنْ الْجِلْبَاب وَالرِّدَاء وَالْقِنَاع فَوْق الْخِمَار "غَيْر مُتَبَرِّجَات" مُظْهِرَات "بِزِينَةٍ" خَفِيَّة كَقِلَادَةٍ وَسِوَار وَخَلْخَال "وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ" بِأَنْ لَا يَضَعْنَهَا "خَيْر لَهُنَّ وَاَللَّه سَمِيع" لِقَوْلِكُمْ "عَلِيم" بِمَا فِي قُلُوبكُمْ , وهنا نلحظ بأن القرآن قد جعل للعجوز الكبيرة الحق أن تخفف من ثيابها طالما بلغت سن اليأس , ولكن ماذا لو تبرجت العجوز ووضعت كل مساحيق الزينة , فهل سيرغب بها الرجال ؟؟؟ من قال نعم فليراجع أقرب مستشفى نفسي فورا , فلماذا منع الله المسلمة من التزين حتى لو كبرت في السن ؟؟ إن هذا يضعنا أمام تحليل آخر للآية , حيث طالما أنه من حق العجوز طرح شيء من ثيابها , فنحن أمام نفي لأن تكون المرأة عورة لأنها امرأة , والموضوع يتعلق بمجتمع فيه من الفساق من لم يؤدبهم الدين ولم يكن لهم من الإيمان شيء , فهنا نتحدث عن ثقافة اجتماعية تفرض نفسها , وكما استجاب الله لطلب عمر بحجاب زوجات النبي , فهو سوف يقدر الظرف الاجتماعي الذي نزلت من بينه تلك الآيات ,
الحديث النبوي :
وهذه بعض الأحاديث التي يستخدمها الشيوخ لإثبات نظرتهم للموضوع :
1- روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صنفان من أهل النار لم أرهما رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها )
ويستعمل شيوخ الإسلام هذا الحديث اليوم وتفسيره بأن الكاسيات العاريات هن من يلبسن من اللباس ما لا يستر أجزاء من الجسم , بل ويتمادون ليذكروا أضرار اللباس الكاسي العاري , واستخدام هذا الحديث لتخويف المسلمة من لبس الملابس الكاشفة للجسد.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ) فقد فسر ذلك أهل العلم بأن معنى " كاسيات " يعني من نعم الله ." عاريات " يعني من شكرها ، لم يقمن بطاعة الله ، ولم يتركن المعاصي والسيئات مع إنعام الله عليهن بالمال وغيره ، وفسر الحديث أيضا بمعنى آخر وهو أنهن كاسيات كسوة لا تسترهن إما لرقتها أو لقصورها ، فلا يحصل بها المقصود ، ولهذا قال : " عاريات " ، لأن الكسوة التي عليهن لم تستر عوراتهن , والقول هنا لابن باز وليس لبن كريشان , ولاحظوا عدم الاتفاق على معنى واحد له, ولا تعليق
2- روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا- وأشار إلى وجهه وكفيه
حديث مرسل , وليس حديثا صحيحا , ويستخدمه منظرو الحجاب للدلالة على حرمة ظهور غير الكف والوجه , فيما يطعن دعاة النقاب به لكونه ليس حديثا صحيحا والبقية عندكم .
3- الأحاديث التي وردت في كتب التفاسير , كانت جميعها على لسان الصحابة , ونتاج اجتهادهم , ونلحظ الاختفاء المريب لدور النبي في الحديث عن هذا الموضوع في أحاديث صحيحة
مسائل تستحق النظر فيها :
1- العورة : هناك تعريف شائع عند الناس بأنها ما يجمل ستره ويقبح إظهاره , وهناك تفصيلات كثيرة لها عند الفقهاء المسلمين , ويقسموها إلى عدة أنواع , وفي المحصلة فهناك اختلاف كبير في تعريف العورة , وحدودها , بل أن العامل الزمني كان له دوره في تغيير المفهوم العام لها , وما يلفت الانتباه ويستحق الوقوف هو مسألة عورة الأمة , ولنأخذ رأي فقهاء الإسلام الكبار , يقول ابن تيمية : والحجابُ مختصٌّ بالحرائر دون الإماء، كما كانت سُنّةُ المؤمنين في زمن النبي وخلفائه: أن الحُرَّةَ تحتَجِبُ، والأَمَة تبرُز. وكان عمر إذا رأى أَمَةُ مُختَمِرة، ضرَبها وقال: أتتشبهين بالحرائر؟.
ولكنه يقول في موضع آخر : إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ مـن النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً، قـال تعالى فيهن:{ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ } (النور: من الآية60)، يقول: وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر، في باب النَّظر. وعلَّل ذلك بتعليل جيِّدٍ مقبولٍ، فقال: إن المقصود من الحجاب هو ستر ما يُخاف منه الفِتنة بخلاف الصَّلاة، ولهذا يجب على الإنسان أن يستتر في الصَّلاة، ولو كان خالياً في مكان لا يطَّلع عليه إلا الله. لكن في باب النَّظر إنما يجب التَّستر حيث ينظر الناس. قال: فالعِلَّة في هذا غير العِلَّة في ذاك، فالعِلَّة في النَّظر: خوف الفتنة، ولا فرق في هذا بين النِّساء الحرائر والنِّساء الإماء. وقوله صحيح بلا شكٍّ، وهو الذي يجب المصير إليه.
وهنا نلحظ التخبط الذي وقع به شيوخ الإسلام , حيث أن الموضوع يبقى مسألة زمنية وظرفية متعلقة بالحدث الموجود و وليست أصلا ثابتا في الدين , إذ لو كان الموضوع أصلا من أصول الدين , لبقي على حاله , سواء في عهد الرسول أو في عهد صحابته , وهذا ما لم يحصل في قصة الحجاب , وعورة الأمة .



2- تكريم المرأة بالحجاب صونا لها : وهنا يجب أن نتوقف بشكل جدي أمام هذا الادعاء بأن أخلاق المرأة وكرامتها لن تحفظ إلا بارتدائها لأكوام من القماش , فهل عجز الإسلام عن إيجاد طريقة أخرى للحفاظ على أخلاق المسلمة ؟؟ أم لأنها ناقصة عقل ودين وجب عليها العقاب الإلهي ؟؟
إن التذرع بمسألة العفة والخلق الحسن دافعا للبس الحجاب لم تكن أبدا من حيثيات النصوص التي يتذرع بها دعاة الحجاب , بل ونجد أن المدعوذين يلجئون لوصف الرجال بالذئاب البشرية التي لا هم لها إلا ركوب النساء من أجل حث المرأة المسلمة على ارتداء ذلك اللباس , فما رأيكم بدين عجز عن لجم جموح أبنائه بعد 1400 من نزوله , ليبقوا ذئابا متوحشة مولعة بالجنس والنساء ؟؟ فهل تكريم الإسلام للمرأة يستدعي إهانة الرجل بهذه الطريقة ؟؟ ولنا تساؤل : إن كان الإسلام قد بالغ في تكريم المراة ففرض عليها الحجاب اتقاء لعيون الرجال , فلماذا لا يكرم الله الرجال أيضا ويأمرهم بربط ألسنتهم , حيث الرجل يعشق بعينه , والمرأة تعشق بأذنها , فكلمات الرجل هي التي سوف تسحر النساء , فهل يتكرم علينا الإسلام يوما بأن يأمرنا بربط ألسنتنا ؟؟ وإن كنت أظن أنه سيلجأ لأن يفرض على المؤمنات سد آذانهن بالقطن , حتى لا تتسلل كلمات الذئاب البشرية إلى آذانهن!!!
الخلاصة :
من خلال ما سبق , كشفت لكم عن تناقض واضح بين النصوص القرآنية من حيث أسباب نزولها وتفسيراتها و وبين ما هو محدث من دعاة الحجاب اليوم , حيث لم يكن هناك نص واضح يأمر بذلك , ولم يكن هناك حديث عن العفة والطهارة , فخديجة بنت خويلد ماتت , ولم تنزل أي آية من تلك الايات , فهل يأتي لنا أحد المسلمين ليشكك في عفتها وطهارتها ؟؟!!

وفي النهاية فهذه كلمتي أوجهها للمرأة المسلمة قائلا لها : أختاه اخلعي حجابك , ومزقي نقابك , وألقي بجلبابك في أقرب سلة مهملات , فأنت لست بحاجة لأن تكفّني نفسك بتلك الثياب حتى نعرف أنك طاهرة وخلوقة , اخرجي بزينتك وتمتعي بجمالك الذي وهبته لك الطبيعة , ولا تأبهي لأقوال المدعوذين ممن لا هم لهم إلا التنكيد عليك , وحرمانك من حريتك , ليعدوك بعدها بأن أغلب أهل النار هن من النساء , فلا تأبهي لقول كل سفيه , وعيشي حياتك كما تحبين

أخوكم سهران

الجمعة، 11 ديسمبر 2009

إعجازيات جيولوجية - نقص أطراف الأرض





أعزائي
رغم حالة الزكام الشديد التي ألمّت بي حاليا , وكنت أود أن أعطي نفسي أجازة عن التدوين بضعة أيام , حتى آخذ قسطا من الراحة , ولكن يا خسارة , فليس بالإمكان أن أهنأ بالراحة , فقد فوجئت في
أحد المدونات لأخت مسلمة بموضوع عن الإعجاز العلمي في القرآن , ولا أعلم بصراحة سر ولعي بمتابعة المواقع الإسلامية , غير أني كلما قرأتها ازددت إلحادا فوق إلحاد , وازدادت رغبتي بنقض هذا الدين من جذوره , وعود على بدء أرى نفسي ملزما بالرد على ما يدعيه إخواننا المسلمين من إعجاز في قرآنهم , وهنا قبل أن أبدأ بتفنيد ما ذكرته أختنا المسلمة , فلابد لي أن أنوه إلى عدة أمور هامة يجب أخذها في الحسبان:
1- أننا حينما ننقض الحديث عن الإعجاز فهو ليس بالضرورة أن يكون هدفه مهاجمة الإسلام نفسه , أو إثبات أن الآية في القرآن هي محض خرافة , فقد تكون الآية تتكلم عن موضوع , ويأتي الإعجازيون ليحملوها معنى لا تحتمله , ولم يقل به أحد من العالمين
2- رغم أن هدفنا من نقض الإعجازيات هو تلك المعجزة نفسها , إلا أننا نكتشف غالبا أن تلك الآيات نفسها قد تحدثت عن أمور لا يقبلها العلم , وكأن المسلمون يريدون أن ينبهوننا لأخطاء قرآنهم . من دون قصد , وهذا ما نسعى لتوضيحه للناس
3-ألاحظ دائما من خلال متابعتي الدءوبة لتلك المواقع هو حرصهم على استخدام ألفاظ محكمة توحي للقارئ بأنه سيأخذ معلومة صحيحة مائة بالمائة من ماركة (تبين بما لا يقبل الشك , يقول العلماء, في أحدث بحث علمي , في مؤتمر علمي أو طبي ...., اكتشف العلماء , وقد اعترف الغرب .....الخ ) وهي ألفاظ وإن أوحت لقارئها بتمكن صاحب المقال من مقولته , إلا أنها غالبا ما تتجاهل ذكر الدليل والمصدر وهذا ما يجعلنا نشك تماما في صحة ما يذكروه
وأريد أن أكون واضحا منذ البداية , فأنا لن أرد على جميع النقاط التي ذكرتها الأخت , ليس اعترافا بصدق تلك المعجزات , وإنما أتركها كمادة للمقالات القادمة , وحرصا على إعطاء كل فكرة حقها من النقد , وذلك إما في مقالات متتالية أو متباعدة حسب الظروف والإمكانيات, وأول ما أبدأ به سوف أنقل لكم حرفيا ما كتبته أختنا المسلمة
:
الأرض تتناقص:
أظهرت القياسات الجديدة عام 2007 للأرض بان هناك تناقصا عن القياسات السابقة ، و لا يعلم العلماء هل هو تناقص حقيقي أم هو بسبب تطور أجهزة القياس؟


"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ "


وهنا أعزائي وكي نكون علميين في نقدنا لما ذكر من الإعجاز , فكان لزاما علي أن أبدأ بالسفر عبر الإنترنت إلى مواقع التفسير , والتي تفسر القرآن , ولست بحاجة لتذكيركم بما تحتله تلك الكتب من الأهمية لدى المسلمين , فهي الشارحة والمفصلة للقرآن , وطبعا فلن نذهب إلى أي شيخ مسلم , بل إلى كبارهم لنرى ماذا قالوا عن تلك الآية في القرآن وكيف فسروها, فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون : يقول الطبري : الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْض نَنْقُصهَا مِنْ أَطْرَافهَا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْل مَكَّة الَّذِينَ يَسْأَلُونَ مُحَمَّدًا الْآيَات , أَنَّا نَأْتِي الْأَرْض فَنَفْتَحهَا لَهُ أَرْضًا بَعْد أَرْض حَوَالَيْ أَرْضهمْ , أَفَلَا يَخَافُونَ أَنْ نَفْتَح لَهُ أَرْضهمْ كَمَا فَتْحنَا لَهُ غَيْرهَا , ويقول ابن كثير : وَقَالَ فِي رِوَايَة : أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْقَرْيَة تُخَرَّب حَتَّى يَكُون الْعُمْرَان فِي نَاحِيَة وَقَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة نَنْقُصهَا مِنْ أَطْرَافهَا قَالَ خَرَابهَا , وفي تفسير الجلالين : وَقَالَ الْحَسَن وَالضَّحَّاك : هُوَ ظُهُور الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس نُقْصَان أَهْلهَا وَبَرَكَتهَا وَقَالَ مُجَاهِد : نُقْصَان الْأَنْفُس وَالثَّمَرَات وَخَرَاب الْأَرْض
ويقول القرطبي : يَعْنِي , أَهْل مَكَّة , " أَنَّا نَأْتِي الْأَرْض " أَيْ نَقْصِدهَا . " نَنْقُصهَا مِنْ أَطْرَافهَا " اُخْتُلِفَ فِيهِ ; فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد : " نَنْقُصهَا مِنْ أَطْرَافهَا " مَوْت عُلَمَائِهَا وَصُلَحَائِهَا ,,,,,,,,,,,,,,,, وهنا ينبغي الإشارة إلى أني لم أذكر التفاسير كاملة ولكن أخذت مقتطفات منها , وبإمكانكم وبكل بساطة أن ترجعوا إلى الروابط التي تركتها لكم لتستزيدوا منها .
إذا فعلماء التفسير بجلالة قدرهم وسعة علمهم فاتهم أن يذكروا ذلك الإعجاز العلمي العظيم الذي اكتشفه علماؤنا الجدد , لنجد أنهم فسروا نقص أطراف الأرض بمعاني مختلفة كعادتهم , ولكن لم يمن الله على أحدهم حتى يكتشف الإعجاز العلمي الرفيع الذي ينفحنا به مدعوذو اليوم , فهم فسروها تارة بأنها فتوحات محمد وتارة أخرى فسروها بخراب القرية وتارة أخرى بنقص الثمرات ,وتارة بغلبة المسلمين على المشركين وتارة أخرى بموت العلماء , وهنا نريد من إخواننا الإعجازيين أن يحسموا لنا أمرهم من كل تلك التفاسير المتناقضة , والتي على كثرتها لم تتعرض للمعنى الإعجازي ,
ولكن ماذا لو كان تفسير الإعجازيين للآية هو الصحيح , وكانت الأرض تتناقص من أطرافها كما يزعمون , وهذا الطرح يجعلنا نكفر بكروية الأرض حيث لا أطراف لها ,والعلم يقول بأن الأرض مفلطحة ويكون التفلطح في أشد حالاته عند خط الاستواء , ولكن هذا لا يجعلنا نقول بأن خط الاستواء هو أطراف الأرض , وكذلك فالقطبين الشمالي والجنوبي لن يكونا طري الأرض , وحتى يكون المعنى مطابقا للمقولات الإعجازية فنحن مضطرون لنتخيل الأرض على هيئة صينية كنافة كالتي ترونها في الأسفل , حيث سوف تكون الأرض حينها مسطحة ,ونتخيلها كما لو أنها قد أصبحت تحت رحمة شيوخنا المبجلين ينقصون من أطرافها, فتفضلوا معنا, مع تمنياتي لكم بالهنا والشفا
.
وبعد كتابة هذه الكلمات وجدت أن أختنا الكريمة قد قامت بالرد علينا في هذا الرابط , وذكرت بأمانة تشكر عليها ما قمت أنا نفسي بذكره , ولكنها استطردت بذكر تفسير آخر لتلك الآية من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم , وهو على كل حال من تأليف علماء الأزهر الجدد , حيث يذكر ذلك المعنى الذي أشرت له سابقا , ولكنه يضيف (تتضمن هذه الآية حقائق وصلت إليها البحوث العلمية الأخيرة إذ ثبت أن سرعة دوران الأرض حول محورها وقوة طردها المركزي يؤديان إلى تفلطح في القطبين وهو نقص في طرفي الأرض، وكذلك عرف أن سرعة انطلاق جزئيات الغازات المغلفة للكرة الأرضية إذا ما جاوزت قوة جاذبية الأرض لها، فإنها تنطلق إلى خارج الكرة الأرضية. وهذا يحدث بصفة مستمرة فتكون الأرض في نقص مستمر لأطرافها، لا أرض أعداء المؤمنين، وهذا احتمال في التفسير تقبله الآية الكريمة.) , وهنا نجد دليلا جاهزا على ما نقوله ونكرره باستمرار حول المنهج التلفيقي للتفسير القرآني الذي يلجأ إليه المفسرون الجدد , حيث يكون من الصعب عليهم تقبل التفاسير القديمة لتلك الآيات , إما لعدم واقعيتها , أو محاولة لمحاكاة تلك الآيات بالاكتشافات التي يقوم بها علماء الغرب , والتي لن يتوصل إليها علماء الإسلام إلا بعد أن يكتشفها العلماء الغربيين ,
وختاما فلي ملاحظة أتمنى على إخواننا المسلمين أن يوضحوها وهو الاختلاف والتباين في تفسير تلك الآيات , وقبل أن يقولوا لنا بأنه رحمة كما اعتادوا على القول , فأي رحمة في التفاسير السالفة الذكر , وإن كانت آيات القرآن تحتوي العديد من المعاني فبأيها نأخذ , أولا ترون بأن القرآن أصبح مثل السوبر ماركت يأخذ كل واحد منها ما يشاء , وأي إعجاز في كتاب لا نستطيع أن نقف عند تفسير واحد يجتمع عليه المسلمون , وأي عظمة في هذا الكتاب الذي لا يستطيع أن يفهمه الناس إلا بعد العودة إلى علمائهم ؟؟ فهل إلهكم قاصر حتى تفرضوا وصايتكم عليه!!!

وإلى اللقاء مع معجزة أخرى



أخوكم سهران



الاثنين، 7 ديسمبر 2009

المسلمون عالة على الغرب.... ويلعنوهم



خلال مطالعتي لأحد المواقع الدينية المعنية بالإفتاء استوقفني سؤال غريب وإجابة أغرب , حيث يسأل أحد المسلمين عن حكم الإقامة في بلاد الكفار ، والتشبه بهم ، والتبرع لجمعياتهم بالمال , وطبعا فنحن لسنا بحاجة لتذكيركم بموقف المسلمين من الغرب ولكن يأتي هذا السؤال ليحدد علاقة المسلم بهم وهو في عقر دارهم , حيث يسأل أحدهم عن حكم الإقامة في الغرب أو بلاد الكفار كما أسماها , وكان من الرد على سؤاله ما يلي :
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
والسفر إلى بلاد الكفار : محرَّم ، إلا عند الضرورة - كالعلاج ، والتجارة ، والتعلم للتخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم - فيجوز بقدر الحاجة ، وإذا انتهت الحاجة : وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين ، ويشترط كذلك لجواز هذا السفر : أن يكون مُظهِراً لدينه ، معتزاً بإسلامه ، مبتعداً عن مواطن الشر ، حذراً من دسائس الأعداء ومكائدهم ، وكذلك يجوز السفر ، أو يجب ، إلى بلادهم ، إذا كان لأجل نشر الدعوة إلى الله ، ونشر الإسلام .

وهنا فقد حسم ذلك الشيخ أمره من تحريم السفر إليهم , وما بالكم بالإقامة الدائمة فهي كفر صريح إن شئنا أن نتبع مبدأ القياس الذي يتداولونه في بورصة الفتاوى الإسلامية,,, ما علينا

المهم في الموضوع هو ما يذكره هذا الشيخ عن حالات إباحة السفر لهم , وهم الغرب الكافر بالطبع
وأسماها بالضرورات وهي كما يلي :
1- العلاج :

وهنا يبدو أن شيخنا الفاضل قد نسي أن رسوله قد علّم أمته أصول الطب وفنونه , ولا تنسوا الحجامة وبول الإبل , فهو هنا ينكر على الإسلام أن يكون قد علم أبنائه الطب ويبيح لهم الذهاب للكفار حتى يتداووا عندهم , ولا أعلم كيف يتباهى المؤمنون بالطب النبوي الذي يزعمون رغم أن كل الأدوية والعقاقير هي من ابتكار الكفار الذين لم يقرؤوا سنة محمد ولا طبّه , ولم يزعجوا أنفسهم بمطالعة قرآنه , ورغم ذلك تجد من المسلمين من لديه الاستعداد للحديث مطولا عن فضائل الطب النبوي الذي لم أسمع أن بلدا واحدا وحتى الإسلامية منها من يتعاملوا به لعلاج مرضاهم , وقبل فترة بسيطة وبحكم عملي في المجال الطبي جاءني أحدهم وكان يعاني من ضعف حيواناته المنوية وكما هو متوقع والتزاما بأخلاق المهنة فقد أوصيته بالذهاب لأحد الأطباء ممن نالوا سمعة طيبة في هذا المجال , فنظر لي أخانا بنظرة استهبال وقالها مزلزلة مدوية : أنا أستعمل الرقية الشرعية , ولما سألته عن ماهيتها , فقال لي بأنه يأتي بزيت الزيتون ويقرأ عليه آيات معينة من القرآن , ويدهن موضع المرض ( خصيته طبعا ) وما زال ينتظر تكرم الله عليه بالشفاء رغم أنه مواظب عليها منذ سنتين , وحاولت عبثا أن أوضح له فائدة الطب وما قد وصلت إليه العلوم الحديثة في هذا الشأن , فرد عليّ بتذكيري بفوائد ماء زمزم الطبية والتي شهد لها الغرب الكافر نفسه ( والغريب أنهم دائما ينتظرون اعتراف الغرب بكلامهم حتى يتخذوها حجة على الغير ) فلم أجد لي طريقا لإقناعه غير تمنياتي له بالشفاء العاجل , وطبعا كنت أقصد شفاؤه من داء الإيمان الغبي.
2- التجارة :

وطبعا فالقصد هنا هو استيراد كل اختراعات الغرب , وتصدير البترول الذي لم يتعب شيوخنا في صناعته أو حتى التنقيب عنه وتسويقه , ولمن لا يعرف فكل ما هو متداول بين أيدينا اليوم من أعظم الاختراعات مثل الكومبيوتر والهاتف النقال والعربسات , إلى أتفهها كقلم الرصاص وشفرة الحلاقة هي من نتاج الحضارة الغربية التي صنعت وأعطت العالم أجمع , ولم تطلب من المسلمين أن يبوسوا أقدامهم حتى يستفيدوا من تلك المخترعات , وفيما يصر المسلمون على أنهم كانوا السباقين في التطور العلمي فإنك لن تجد اختراعا واحدا لهم , ولا سلعة يخترعوها بأنفسهم , ولولا أن الغرب الكافر قد سمح بالتبادل الاقتصادي والتجاري مع المسلمين , لكنا الآن نعيش في زمن محمد وصحبه , ويمضي المسلم في خيالاته ليظن بأنه عامل مؤثر في التجارة العالمية , وعند كل أزمة مع الغرب تجدهم يهددون بمقاطعة السلع الغربية , كما حصل في حالة الدانمرك حين اشتعلت أزمة الرسوم الساخرة من نبيهم , وحينها أعلن المسلمون عن مقاطعتهم للبضائع الدانمركية , واليوم يهددون بمقاطعة السلع السويسرية , وأحدهم يطلب من أخوانه المسلمين أن يقاطعوا الأجبان الدانمركية ويقول : خليها تسوّس ,,,, ورغم حملات المقاطعة اللا منتهية لم نسمع أن بلدا واحدا قد أفلس من تلك المقاطعة , ولعل هذا يعطينا فكرة واضحة عن الحجم الضئيل والباهت للدول الإسلامية في الاقتصاد العالمي.
3- التعليم :


وهنا نأتي لأحد أكثر المسائل المؤلمة في واقعنا السيئ , حيث أصبح العرب في مؤخرة الأمم بسبب تخلفهم العلمي , وهنا وحتى لا يطول الحديث في هذا الشأن فدعونا أن نذكركم من موقف الإسلام من العلوم الحديثة , واعتبارهم لها علوما دنيوية لا فائدة في الكثير منها , ويطالبون بإلحاح بأن يبحث المسلم عن العلم الشرعي , ونسي شيوخنا الكرام أن دينهم هو من الفطرة , فكيف نحتاج لدراسته وهو متأصل في عقولنا كما يزعمون , وبينما لا يزال شيوخ الإسلام يتبجحون بأنهم هم من علموا الغرب أصول العلوم والفكر , متحججين بحركة الترجمة التي نشأت في الغرب في القرون الوسطى والتي بحثت عن كل ما هو علمي حتى من عند علماء المسلمين ( وهم هنا من عملوا بالعلوم الدنيوية وليس الدينية طبعا ) نجد غيابا كاملا للبحث العلمي الهادف في تلك الدول التي أنعم عليها الله بنعمة الإسلام , ولن تجد مسلما قد أفلح في العلم إلا في ديار الكفر , وفي أثناء دراستي الجامعية كنا ندرس كتبا من الجامعات الغربية , وكنت دائما أبحث بين المراجع عن كتاب ألفه شخص عربي أو مسلم , فأرتد خائبا ولا أجد إلاّ جيمس وطوني وكوتوموتو( يمكن ياباني ) , ولكن لن تجد واحدا من خير أمة أنزلت للناس , وآخر الفضائح هي عدم وجود أي جامعة عربية أو إسلامية في قائمة أفضل جامعات العالم , وبالطبع فلن تجد تلك الجامعات المتخصصة بتدريس الإسلام في تلك القائمة, واليوم صارت عندهم سنة جديدة في سرقة جهود علماء الغرب في أبحاثهم واكتشافاتهم , وادعاء أن إلههم قد ذكر تلك الحقائق في قرآنه قبل 1400 عام , ولكن ما يلفت الانتباه هو أنهم دائما يترقبون أن يقوم الغرب باكتشاف تلك المعجزات , حتى يأتي علمائنا المسلمين ليعنوا لنا الخبر السار , بأن أحد علماء الغرب والذي يعمل في مختبره قد اكتشف أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي اكتشف تلك الحقائق العلمية , ولكن يتجاهل أولئك المشايخ سؤالا مهما وهو : ولماذا لم تكتشفوا أنتم تلك الحقائق , ولا سلفكم الصالح , ودائما تنتظرون الغرب ليثبت لكم تلك المعجزات المزعومة , وهنا سيلجأ أخانا لنظرية المؤامرة وما بعدها من لخابيط لن أتعرض لها الآن

إلى هنا أكتفي بما كتبت على أن أعود في مقالٍ آخر لإكمال الحديث عن هذا الموضوع

ودمتم سالمين

أخوكم سهران

الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

الخراف الضالة – عقدة بني إسرائيل


تشترك الأديان السماوية الثلاثة بعدة أمور تجعل الدارس لها يرى فيها تشابها واضحا من حيث التوحيد الذي جاءت به هذه الأديان الثلاثة وهي اليهودية المسيحية و الإسلام , ولكن ما يلفت النظر فيها هي التركيز على من أسموا أنفسهم بشعب الله المختار , فالتوراة جاءت لتقول لنا بأن الله قد اختار له شعبا واحدا من العالمين وهم نسل يعقوب بن اسحق أو إسرائيل كما تسميه التوراة , وقد أعطى الله لهذا الشعب ما لم يعطه لأحد , بل وأباح لهم قتل واستعباد الشعوب الأخرى , وكان لله ما أراد ونجّا بني إسرائيل من فرعون , وجعلهم يعبروا البحر , حتى إذ نجوا من فرعون بدأوا بمشاكسة نبيهم موسى , وانتهزوا فرصة خروجه إلى الجبل كي يأتيهم بشريعة الله فصنعوا لأنفسهم عجلا من الذهب عبدوه من دون الله , إلى آخر القصة المعروفة للجميع .
الشيء اللافت في هذه القصة هو أن الأديان الثلاثة قد أقرت بحقيقة تلك القصة , ولم يكن لينتهي الأمر عند هذا الحد , بل وجاءت مؤكدة لها , وفي الواقع فأنا قد لا أستغرب من وجود هذه العقيدة لدى اليهود فهم أهلها , وماداموا هم شعب الله المختار فلن يترددوا في ترديد تلك القصة العرجاء إلى الأبد , أما ما يحيرني فهو أن كلا من الدين المسيحي والدين الإسلامي قد جاءا مغازلين لتلك القصة ومقران بها .
وللتوضيح فخلافا لما يعتقده الكثيرون بأن الإنجيل هو كتاب المسيحيين , فإنه في الواقع يوجد لديهم ما يسمى بالكتاب المقدس , وهو عبارة عن العهد القديم وهو التوراة , والعهد الجديد وهو الإنجيل وأعمال الرسل , فمادام أن المسيحيين قد جعلوا التوراة جزءا من كتابهم المقدس , فهم بالتالي ملزمون به , ومرتهنين بنصوصه .
إن قصة بني إسرائيل تبدأ من أن الله قد اختار شعبه , ويمضي هذا الإله في غيه , ليرفض أن تعم رحمته إلا على شعب واحد , ويعدهم بأن يكونوا سادة العالم , وهذا ما يردده بعض الحمقى من اليهود وإلى الآن , فهل كانت الأديان اللاحقة بريئة من تبني هذه القصة ؟؟؟
أما المسيحية فقد ولدت من رحم اليهودية , فالمسيح كان يهوديا من أم يهودية , وجاءت بعثته إلى بني إسرائيل دونا عن بقية الأمم , حيث نجد في إنجيلهم (ثم خرج يسوع من هناك وانصرف الى نواحي صور وصيدا. 22 واذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت اليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود.ابنتي مجنونة جدا. 23 فلم يجبها بكلمة.فتقدم تلاميذه وطلبوا اليه قائلين اصرفها لانها تصيح وراءنا.24 فاجاب وقال لم أرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة.)انجيل متى- اصحاح 15 . وهذا النص لن يستطيع المسيحيون حذفه من كتابهم المقدس , ولن يستطيعوا تأويله بغير ما جاء به , فمسيحهم يقر بأنه لم يبعث إلا لليهود الذين وصفهم بالخراف , ومضت دعوة إلى نهايتها وحتى ساعة صلبه وهو مبعوثا لبني إسرائيل , فما الذي حصل بعدها , نجد أن المسيح بعد قيامته من القبر يقول لأتباعه (فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. 20 وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به.وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر.آمين) انجيل متى- اصحاح 28 , وهكذا فالمسيح لم يوجه دعوته يوما لمن هم من غير بني إسرائيل , وإنما طلب ذلك من تلاميذه بعد قيامه من القبر كما يزعمون , لتصبح المسيحية من بعده دينا عالميا بعد أن كانت حكرا على الخراف الضالة من بني إسرائيل.
وجاء الإسلام من بعده ليدور في نفس الحلقة , فإبراهيم هو أبو الأنبياء , وأبناؤه طبعا كانوا حكرا على بني إسرائيل , فيما تجاهل الشعوب الأخرى وتركهم بدون أنبياء , ففي الوقت الذي يمعن الله فيه بذكر بني إسرائيل وأنبيائهم يغيب عن المشهد أولئك الأنبياء الذين زعم أنه أرسلهم للأقوام جميعا , ويبقى في إطار الاحتكار اليهودي لمحبة الله وعطفه حيث يقول (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة 47] فلم يكن لله هم ولا شاغل إلا إرضاء شعبه المختار , ونسي شعوب العالم أجمع , ومنها من لم يكن يعلم بوجود اليهود أصلا .
ترى لماذا حشر الله أنبياؤه جميعا في فلسطين والجزيرة العربية ؟؟؟ لو أردنا إيجاد إجابة لهذا السؤال فالإجابة هي لأن الديانات الثلاثة هي في مجملها دين واحد , ليس من عند الله بالطبع , بل هو دين اليهود وإلههم الدموي العرقي , وما عقدة بني إسرائيل إلا نموذجا على ما نقول , فالمسيحية لم تستطع أن تخرج من عباءة اليهودية فضمت كتابها لها , وأصبحت التوراة تشغل الحيز الأعظم من كتابهم المقدس , وجاء محمد من بعدهم ليدور في نفس الدوامة , ويكرر ما فعلته المسيحية بسذاجة بالغة , ولو كنت حيا في زمن محمد , فكنت سأتمنى عليه أن لا يزعجنا بقصص اليهود المملة ويتكلم عن الأقوام الأخرى خارج الشرق الأوسط , ولكن هيهات .


لماذا يفضل الله العادل قوما على قوم آخرين , وما هي الميزة التي وجدت في اليهود حتى ينالوا التكريم الإلهي , وقصة عبادتهم للعجل تجعلنا لا نثق في أنهم كانوا مؤمنين , ولهذا فلم يكن لهم ما يميزهم عند الله سوى أنهم من نسل إبراهيم أو إسرائيل لو شئنا الدقة.
إن وعد الله لبني إسرائيل بتملك فلسطين يشبه وإلى حد بعيد وعد بلفور , والذي أعطى من لا يستحق أرض غيره ليكتب الشقاء على شعب لم يكن له من ذنب سوى أنهم ليسوا من النطفة الإلهية الطاهرة।
أخوكم سهران

السبت، 28 نوفمبر 2009

أكاذيب إعجازية

قصة بناء الأهرامات







أثناء تجولي في ميادين الإنترنت الفسيحة , شددت الخطى لأحد المواقع الإعجازية التي أحتفظ بعنوانها في مفضلتي لأرى آخر الاكتشافات الإسلامية , فوقع بصري على أحد المقالات وتتحدث عن الإعجاز العلمي في قصة بناء أهرامات مصر , حيث تحدث عن اكتشاف العلماء الغربيين لسر بناء الهرم , وحقيقة أحجاره وتكوينها , حيث يذكرون أن حجارة الأهرام هي عبارة عن قوالب من الطين تم تسخينها في درجات حرارة عالية جدا , حتى وصلت إلى ما وصلت إليه , وإلى هنا فإني لا أملك أن أكذب الخبر أو أصدقه لأني لست ضليعا بهذه العلوم , ولن أخوض في هذه المسألة وأتركها لأصحاب الشأن .
أما ما يحق لي الحديث فيه فهو ذلك الكذب الغير مسبوق , حينما يذكرون بأن قرآنهم قد أخبر محمد قبل 1400 عام بأن الفراعنة قد بنوا أهراماتهم من الطين , حيث يقول محمد في قرآنه : (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [القصص: 38]. حيث ذكر هذه الآية أمر فرعون موسى لوزيره هامان بأن يسخن الطين كي يبني له صرحا عظيما كي يرى إله موسى , وهنا تبدأ الأكذوبة الإعجازية بادعائها أن الأهرامات قد بنيت في زمن موسى , ومن المعروف أن موسى قد عاش في مصر في زمن
الدولة الفرعونية الحديثة (1570—1070 قبل الميلاد) , ويقال بأنه كان في زمن الفرعون رمسيس الثاني , ورغم أنه ليس من المثبت تاريخيا صحة هذا القول , ولكن من الثابت تاريخيا أن هجرة بني إسرائيل إلى فلسطين كانت في تلك الحقبة الزمنية , بينما تؤكد الأبحاث التاريخية بأن الأهرامات قد بنيت في زمن الدولة الفرعونية القديمة (2780 - 2263 قبل الميلاد) أي قبل موسى بقرابة الألف عام , وأن الأهرامات كانت موجودة حتى قبل أن يستقر بني إسرائيل في مصر زمن يوسف ويعقوب , وهنا فأنا أكون واثقا من القول بأن ذلك الصرح الذي تحدث عنه القرآن لم يكن هو أهرامات مصر , ويبقى واجبا على إخواننا الإعجازيين بعد ثبوت كذبهم أن يبحثوا هم لنا عن ذلك الصرح الذي بناه فرعون موسى الذي ادعاه قرآنهم , ولكن وكعادتهم في سرقة أبحاث العلماء فقد قاموا وبصورة فائقة الغباء بالجمع بين نصهم الديني والذي يتحدث عن رجل عاش في زمن الدولة الحديثة للفراعنة , وبين البحث العلمي الذي يتعلق بالهرم الذي تم تشييده في زمن الدولة القديمة دون أدنى شعور بالخجل من هكذا تدليس وتزوير للحقائق , ولو كان كلامهم صحيحا فلماذا ينتظرون دائما من الغرب أن يثبت صحة إعجازهم القرآني المزعوم.
وما لفت انتباهي هو تعدد ذكر هذه المعلومة المغلوطة في عدد من مواقعهم , بل ونقل النصوص بشكل حرفي من بعضهم البعض وانظر
هنا أو هنا أو هنا .

دمتم سالمين
أخوكم سهران

تحديث
أعزائي :
وردني تعليق من أخ مسلم اعترض فيه على المقال وذكر بأن المواقع المذكورة لا تجزم بأن الصرح المذكور هو الهرم , وللتوضيح فقد يكون هذا الكلام صادقا للوهلة الأولى , ولكنه يتعامى عن غاية المقال من نقض ما يدعونه بالإعجاز , فالتقنية المستخدمة كان يعرفها سفهاء نجد , وزنوج كينيا في ذلك الزمان , فلم يكن إعجازا من محمد أن ذكر البناء باستخدام الطين المسخن , والأهم من ذلك هو أن الطين استخدم لعمل طبقة خارجية للهرم وهذا ما تعامى عنه الإعجازيون ,,,,, فاقتضى التنويه

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

خواطر لادينية





سر الوجود :
إن مسألة الوجود تبقى من أكثر المسائل التي تنال الحيز الأكبر من عقول الناس , ودائما ما يردد المؤمنون مقولتهم بأن هذا الوجود لا بد من حكمة له , وإلا فإن هذا الكون لن يكون له معنى أو هدف , وحتى تتضح الرؤية , ومن أجل فهم صحيح لمعنى الوجود فيلزمنا أن نبحث عن بداية هذا الوجود ونشأته , فالإنسان ينظر اليوم لهذا الكون بجماله الخلاب وقوانينه الدقيقة , فيعجز الإنسان عن تصور فكرة أن يكون هذا الكون قد جاء من لاشيء , ويبدأ بالاعتقاد بأن هذا التصميم الذكي ( كما يراه هو على الأقل ) لن يأتي صدفة , وغالبا ما يرددون مقولة البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير , وهذه من العبارات المغلوطة والتي لا قيمة لها من الناحية العلمية , فالإنسان في الواقع يقدس هذه الطبيعة دون أن يعلم , ولكن مع تطور الفلسفات القديمة بدأ بتحويل هذه القدسية لكائن خرافي أسماه الله , وحتى أوضح المسألة أكثر , فإننا يكفينا أن نقرأ عن تاريخ تطور الحياة والكون , لنعلم بأن هذه الصورة البديعة التي نراها اليوم هي نتاج تجارب الطبيعة لملايين السنين, ولم تأت بتدبير حكيم كما أوهمتنا الأديان , فالأديان عموما استغلت ضعف العلوم عند الأقدمين فادعت وجود خالق بديع لهذا الكون , ولكن لم يكن من الممكن لهذه الأوهام أن تبقى للأبد , فالعلوم كشفت عن معاناة الطبيعة لملايين السنين سواء في قدرتها على البقاء , أو في إيجاد أشكال جديدة من الحياة , فالإنسان الحديث لم يأتي إلى الأرض من السماء , بل إن ما يجهله كثير من المؤمنين وإلى غاية اليوم , هو وجود أشكال مشابهة للإنسان الحديث عاشت على الأرض منذ آلاف السنين أو أكثر , وما يلفت النظر هو أن أحدث هذه الكائنات وهو إنسان النياندرتال كان يعيش في أجواء ليست بعيدة عن الإنسان الحديث من حيث قدرته على الصيد في جماعات , وبدأ في محاولة الكلام وإن لم يستطع تكوين جملة كاملة , وكانوا يدفنون موتاهم , ورغم ذلك فلم يقدر له أن يمكث للأبد , إذ أنه عاش مع الإنسان الحديث حوالي 15 ألف عام وانقرض بعدها لتكون السيادة للإنسان الحديث على الأرض وما فيها , ولهذا فإنه ليس من المقبول أن نصدق فكرة الخلق الإلهي للإنسان بصورته الحالية من نسل آدم , ويبقى علينا أن نفهم أننا ما كنا لنوجد في هذا الكون وبهذا الشكل قبل مليون سنة , حينها كان أجداد الإنسان يخوضون معركة التطور قبل أن يأتي الإنسان الحديث .
طول العهود والأزمنة :
من الأمور التي تجعلني أشك حقيقة في وجود الله , هي عدم قدرته على شرح التاريخ الطويل للحياة , ومنه ندخل لسؤال آخر مهم , وهو إن كان الله قد خلق الكون حتى يعبده الناس , أولم يكن حريا به أن يخلقهم في نفس اللحظة التي خلق بها الكون !!!
ولتوضيح الأمر فسآتيكم بالحقائق التالية
1- عمر الكون يبلغ قرابة 13.7 مليار سنة ........................................................
2- عمر الأرض 5 مليار سنة .......... ..........
3- ظهور بدايات الجنس البشري قبل 50 ألف عام .
4- ظهور الأديان المنظمة قبل 6 آلاف عام
5- الإسلام قبل 1400 عام
إذن دعونا بحسبة عقلية بسيطة نقدر عمر الأديان من عمر الكون فنجدها لا تشغل واحد من مليون من عمر الكون , فهل كان الله غائبا طوال تلك الفترة , وإن كان قد خلق الكون من أجل أن يعبده الناس فلماذا انتظر طوال تلك الحقب الطويلة حتى يستطيع في النهاية أن يتكرم علينا بنبيه المصطفى ليعلمنا كيف نغتسل وأن قتل المرتد حلال شرعا , وما أراه أكثر منطقية هو أن نسلم بحقيقة أننا مثل كل الكائنات الحية التي عاشت قديما وتعيش اليوم على سطح الأرض لنا حياة واحدة , لن يكون لها إلا قدرا ضئيلا جدا من عمر الزمان , فغرور الإنسان جعله يظن أن الأرض هي مركز الكون والحياة , وتجد في النصوص الدينية ما يدل على ذلك , فالإسلام يعتبر النجوم زينة للسماء الإلهية , وحتى يتضح الأمر فيكفي أن نذكركم بحقيقة أن الأرض هي كوكب من عدة كواكب بعضها أكبر من الأرض بكثير يدورون جميعا حول نجم كبير هو الشمس , وهذه الشمس هي نجم من ملايين النجوم التي تشكل مجرتنا , والتي هي واحدة من ملايين المجرات الموجودة في الكون , فأين ذهب هذا الكون الفسيح من علم الله , وكيف جعل هذا الكون المهول الحجم مجرد زينة لسمائه يراها أهل الأرض !!!!
ويلجأ المؤمنون دائما عند إفحامهم بالحقائق العلمية عن الكون للدخول في مسألة تعتبر من أكثرها إلحاحا لدى البشر , ألا وهي دعوة الأديان للأخلاق , وأنه لولا تلك الأديان لعمت الفوضى والخراب أرجاء المعمورة , وصار الرجل يسرق ويقتل ويزني بأخته ......الخ
فهل كانت الأديان حقا هي الضامن للأخلاق ؟؟؟
دعونا نفكر وبتركيز شديد الآن حول ماهية الأخلاق , وهل نحن فعلا بحاجة للأديان حتى تهذب من نفوسنا ,,,,
إن الواقع على الأرض يشير إلى أن الإنسان قد طور أخلاقه وسلوكه الاجتماعي في حقب سبقت الأديان بفترة طويلة من الزمان , ولكن دعونا نتأمل في حال الأديان لنرى أن الأديان تتوعد فاعل الجرم بالعقوبة والخسران المبين , وهذا الأمر يعطي قناعة لدى الإنسان بأنه لا يفعل الخير ويتجنب الشرور إلا خوفا من عقاب الإله الصارم , ولو قبلنا بهذا الأمر على علاّته , فسنجد أن الأديان قد تركت لأصحابها حيزا يمكنهم من ارتكاب أفظع الشرور ليغفرها الله لهم إن تابوا , وكثيرا ما نجد في حياتنا المعاصرة أشخاصا يرتكبون كل ما هو غير أخلاقي أو إنساني ويمنون أنفسهم بالتوبة مستقبلا , فالدين جعل الأخلاق التزاما خاصا بين الإنسان وإلهه , ولم يعلمهم الدين أن يكونوا أخلاقيين لأنهم بشر ,,, لا
فالدين لا يهتم إلا بفرض نفسه أولا , وجعل الكون وما فيه يدورون حول هذا الدين ,
وهنا يحق لنا أن نسأل من هو الأكثر أخلاقا ؟؟؟ هل هو ذلك المؤمن الذي يفعل الخير طمعا في أنهار الخمر واللذة الأبدية في أحضان عاهرات السماء ؟؟ أم هو ذلك الذي احترم إنسانيته وإنسانية الغير وفعل الأخلاق .... فقط لأنه إنسان .
إن الدولة الحديثة اليوم كفيلة بمعاقبة كل مجرم ومعتدي على البشر , والنظام الاجتماعي العام يفرض على الناس الالتزام بأدبيات التعامل , فلسنا مضطرين للخوف من ترك الأديان , فالإنسان استطاع أن يكون لنفسه نظاما راقيا ومبدعا لحماية المجتمع والإنسان , ولن يتسامح المجتمع مع المجرم , بعكس الأديان التي تغري أتباعها بالمغفرة مهما كان الذنب فادحا طالما آمنوا بإله هذا الدين . فهل يحق للمؤمنين أن يتبجحوا علينا بأخلاقهم المزعومة ؟؟ إننا نجد في الحياة كثيرا من الناس مؤمنين و غير مؤمنين ولكن تجد لديهم أخلاقا عالية , وبالعكس فإنك تجد أيضا من المؤمنين من لا ينقصه من هذه الدنيا إلا الأخلاق , وأنا لا أذكر كلاما افتراضيا فالأمثلة من حولنا في المجتمعات كثيرة ولا حصر لها , وتجد رجال الدين أنفسهم يتحدثون عن أولئك الذين يصلون في السطر الأول داخل المسجد , حتى إذا خرجوا من المسجد فسدت أخلاقهم , فإن كان هذا اعترافهم بأنفسهم فكيف لو كانوا حياديين ونظروا لحالهم ؟؟؟؟
المصير المحتوم :
الإنسان هو كائن عاطفي , يملؤه الخوف والحب وكل الصفات الإنسانية في آن واحد , ويبلغ حبنا لأنفسنا أن نبالغ في كثير من الأحيان في تقديرنا لأنفسنا , بل ويمتد هذا الحب لنجعل من أنفسنا مركز الكون وعلة وجوده , ولهذا فقد داعبت الأديان هذه السقطة الإنسانية ولعبت عليها , فأوهمته بأنه هو خليفة الله على أرضه وأنه ما خلقت الكائنات الحية من حيوان ونبات إلا من أجله , ولكن لن ينتهي الأمر إلى هذا الحد , فقد أكدت الأديان لأتباعها بوجود حياة أخرى بعد الموت يكون فيها الراحة والسؤدد الأبدي بعد المعاناة في الدنيا , وقد يكون سبب إيمان الناس بهذا المعتقد هو عدم قدرتهم على تقبل فكرة الحياة الواحدة , أو أن أحباءنا الذين فارقوا دنيانا لن نراهم ثانية , فيتمسكون بما وعدهم به الإله المعبود , ويصرون على وجود الحياة الآخرة حيث النعيم الأبدي , ولكن لناقش هذه المسألة بمنطقية أكثر , ولنفترض فعلا أنه يوجد حياة بعد الموت , ولكن لم يسأل أحدكم نفسه : طالما أن الحياة الآخرة هي أبدية فلماذا تكون الدنيا بهذا الحجم الضئييييل جدا بحيث أننا لن نأخذ فيها من العبر والقيم ما يكفي لنؤمن بوجود هذا الإله , وماذا عن أولئك الذين يموتون في سن الشباب , فهل سيعاقبهم إلهكم على طيشهم ؟؟ من منا لم يعش حياة الشباب بما فيها من مغريات تجبره على الابتعاد عن الدين ؟ فهل ذلك العجوز الذي اشتط في شبابه وتاب في شيخوخته هو أفضل عند الله من ذلك الشاب الذي مات في ريعان شبابه ؟؟ فكيف سيحاسبهما معا وهو قد أعطى لأحدهما الفرصة كي يكفر عن أخطائه , فيما لم يمهل الثاني وقتا مناسبا للقيام بذلك , وسوف يرجع المؤمنون للقول بأن كل إنسان مسئول عن تصرفاته , ويجب أن يستعد لآخرته من بدايات عمره , ولكن أحبائي ليس من المعقول أن نتكلم عن الرجل العجوز والشاب وكأنهم يخضعان للحالة النفسية نفسها , فسيكولوجية الشاب تختلف كلية عنها لدى كبار السن ,

أخوكم سهران

الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

أسطورة السماء


من الكلمات الدارجة في دين المسلمين كلمة السماء , وهي كلمة تكررت كثيرا في القرآن , واستخدمت غالبا كتضاد لكلمة الأرض , ومن الدارج عند المسلمين أن السماء هي المقر الذي يوجد فيه الإله , ومنه ترسل الملائكة بالوحي إلى الأنبياء المصطفين , ويستمر اعتقاد المسلمين والمؤمنين بالأديان عموما بوجود السماء إلى يومنا هذا ,, ومع صعود نجم العلم وتوالي الاكتشافات , كان من الضروري أن يبحثوا عن وجود هذه السماء للتأكد من صدق الإله فيما قال , ولكن وإلى غاية اليوم لم يثبت وجود هذه السماء , بل ونفي فكرة وجودها أصلا , ولكن يتمسك المسلمون بوجودها , ويصرون على أنها حقيقة لا تقبل الجدل.
إذا ليس من المجدي أن نناقش فكرة السماء من الناحية العلمية , ويبقى أن نناقش النصوص الدينية التي تتحدث عن هذه السماء , ونرى هل بالإمكان أن نصدق وجود تلك السماء من عدمه .
في الواقع دعوني أعترف بأن ما حركني لكتابة هذا المقال , هو دخولي لأحد
المواقع الإعجازية , والتي تحاول جاهدة أن تطوّع العلم من أجل إثبات الخرافات القرآنية , وأدهشني هذا القدر الكبير من الأكاذيب والتضليل الذي يمارسه أولئك الناس على العامة.
دعونا نناقش فكرة السماء من خلال الآيات القرآنية , ولنرى كيف وصف القرآن تلك السماء.
يقول القرآن : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11]. وهنا يهلل الإعجازيون ويكبرون ليقولوا لنا بأن العلم الحديث قد أثبت فعلا أن الكون قد كان في بدايته دخانا , وبالفعل فإن العلم يتكلم عن الانفجار الكبير وعن الغازات التي كونت النجوم , فهل كان قرآنهم يقصد ذلك المعنى؟؟ في الواقع فإن أخينا الإعجازي قد عمي بصره حينما نظر لتلك الآية حيث لم يرى ما سبقها من الآيات حيث يقول القرآن : قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9} وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت: 9 - 11] وهنا نكتشف كذب وتدليس الإعجازيين , حينما يأتي ويذكر لنا من الآيات ما قد يتشابه مع العلم , ويخفي بقية الآيات التي تنفي زعمهم , فتلك الآية تقول بأن خلق الأرض كان سابقا لخلق السماء , أي أن الأرض كانت موجودة قبل الانفجار الكبير , حيث تم ذكر خلق الأرض قبل خلق السماء , وكل ما حصل هو أن هذا الإعجازي قد اختطف تلك الآية من وسط النصوص ليطابقها بالعلوم , ناسيا أو بالأحرى متناسيا لما سبقها من الآيات .
وهنا سيقفز الإعجازيون مجددا ليقولوا : ولكن ما أدراك بعلم السماء , وكيف للسماء أن تكون من مادة الأرض , فمن غير المعقول أن تكون السماء قد خلقت من نفس المادة التي خلقت منها الأرض , ولكن عزيزي المؤمن ربك يقول ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (الأنبياء:30) , وهاهم مشايخكم الإعجازيين قد وقعوا في شر أعمالهم حينما فسروا الآية بأن الأرض والسماء كانتا كرة واحدة , وإن لم تصدق فانظر
هنا , فمعنى الآية يقول بما لا شك فيه بأن الأرض والسماء خرجتا من رتق واحد , أي أنهما كانتا جزءا واحدا , حيث ليس من المعقول أن تتعانق المادة واللامادة سويا , وبالتالي فإنها مادة كما الأرض .
وسيحلو لهم القول بأن هذا الكلام وإن كان صحيحا , فإن السماء لبعدها الساحق عن الأرض فإننا لا نستطيع أن نراها , أو نستشعر وجودها , وهنا نقول لهم : عزيزي المؤمن إن السماء هي أقرب مما تتخيل , أو لم يقل ربكم: ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج. والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج. تبصرة وذكرى لكل عبد منيب. ونزلنا من السماء ماءً مباركًا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد. والنخل باسقات لها طلع نضيد. رزقًا للعباد وأحيينا به بلدة ميتًا كذلك الخروج ) [ق: 6-11]. فهذه الآيات تدعوكم للنظر فوقكم كي تروا السماء , وبالتالي فلسنا بحاجة للمجهر كي نراها , فربكم طلب منا فقط أن ننظر من فوقنا كي نراها , وأكد ذلك الكلام بأن زعم بأن الماء ينزل علينا من هذه السماء , وبالتالي فإن تلك السماء التي دعاكم الله لرؤيتها هي في مستوى السحب التي نعرف أن كثيرا من الطائرات تطير فوقها , فإلهكم قد خدعكم واستغل ضعف علومكم , وجعلكم تنظرون للغلاف الجوي للأرض وأوهمكم بأنها سماؤه الأولى ,



وما دمنا نتكلم عن السماء , فلعل من المفيد أن نذكر تلك الصورة الساذجة التي رسمها محمد لأصحابه عن السماء , حيث يقول في قرآنه : (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 12], ومرة أخرى ستجد من الإعجازيين من يلوي عنق النص , ليخلط بين تلك الصورة التي يصورها القرآن وبين اكتشاف علمي لنجوم شديدة الإضاءة تسمى light bulbs ,


وتجدهم يصرون على أن هذه النجوم هي المقصودة في الآية , ولكنهم غفلوا عن آية أخرى تقول : "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ " الصافات 6-10 , وهنا نعرف بأن تلك المصابيح المذكورة في القرآن هي لقنص الشياطين الوحشين اللي ما سمعوا كلام الماما , وذهبوا للتجسس على الله , فبعث الله لهم النجم بجلالة قدره كي يقتل شيطانا مخلوق من النار ( ولو كان الله قد استشارني في المسألة لأوصيته بأن يرش عليهم الماء حتى ينطفئوا ) .
خلاصة القول : دائما يعتمد الإعجازيون على لي عنق النصوص ومحاولة إثبات شيء تعب العلماء عليه لينسبوه لصلعمهم الأمي .
وفي النهاية أحببت أن تنظروا بأم أعينكم على غباء أحد الإعجازيين في
هذا الموقع .

أخوكم سهران




الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

ولماذا دينكم بالذات ؟؟؟؟





هذا الموضوع أكتبه اليوم لكل المؤمنين بالأديان سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين أو حتى من الهندوس , فالأديان وإن اختلفت ظاهرياً إلا أنها تتشابه من حيث الجوهر , وأستطيع أن ألخص تلك التشابهات ليس للمقارنة ولكن لأسأل أصحاب الأديان عما يجعلني ملزما بدينهم دونا عن بقية الأديان , والمنطق يقول بأنه لو كان هناك إله فعلا , وأراد هذا الإله أن يؤمن الناس به لبعث لهم بالأدلة والبراهين ما يدل عليه , ولما اختلف الناس حوله , ولكانوا جميعا على دين واحد , ولكن هناك معضلة كبيرة جدا لن يستطيع أصحاب الأديان أن يحلوها ,, وهي أي دين نختار ,وعلى أي أساس نختار , ولماذا نختار هذا الدين بالذات دونا عن بقية الأديان ؟؟ والجواب دائماً ما يكون حول قضايا متعددة يريدون بها إثبات دينهم,,
واليوم سأقدم قراءة لادينية لأسباب اعتناق الأديان ومحاولة فهم العناصر التي تؤثر في إيمان الإنسان بدين واحد دونا عن بقية الأديان :
دين الآباء والأجداد :
ليس خافيا على أحد أن أغلب البشر في هذا العالم قد أخذوا دينهم عن آبائهم , فالانتماء للدين خاضع لظروف المكان والزمان , وقلة قليلة جدا من الناس من يغير دينه أو يلحد بالأديان جميعا , وهنا لابد لنا من أن نتساءل : على فرض أني كنت من أسرة مسيحية , وكان الإسلام هو الدين الصحيح , فأي ذنب ارتكبته أنا بحق الله حتى يحكم عليّ بالتعس والشقاء , لا لشيء إلا لأنه خلقني في المكان الغير مناسب , يعني الأم تريزا سوف تكون من أهل النار لأنها ولدت من أسرة مسيحية , أما الزرقاوي فهو من أهل الجنة فقط لأنه قال لا إله إلا الله !!! هل هناك منطق أو عقل يقبل بأن يكون الإله ( إن وجد ) ظالما لخلقه , ومن ثم فنحن ندرك حجم المتاعب والصعاب التي سيواجهها الشخص عند تحويل دينه , فلماذا يكتب هذا الامتحان على بعض الناس ولا يكتب على الآخرين ؟؟ وحينها سوف يقول البعض بأن هذا الشخص سوف يكون أكثر ثوابا عند الله منك أنت يا من ولدت في الدين الصحيح !! ولكن هنا من حقي أيضا أن أتظلم وأسأل : ولماذا يحرمني الله من هذه المجاهدة التي سترفعني لأعلى الدرجات ويعطيها للبعض الآخر ؟؟؟

الإلوهية :
يدعي كل دين بأنه هو صاحب النظرة الصحيحة لله , فالمسلم سوف يقول لك بأنه هو الذي يؤمن بالله حق الإيمان , فإذا سألته عن أدلة وجود الله وماهية صفاته ومن خلقه فالجواب دائما : الله أعلم , وأيضا فإن المسيحي مهما ادعى من الفهم لفكرة الإله المثلث فإنه سوف يقف عند نقطة معينة , ليقف بعدها معلنا عن أنه يؤمن بالإله الحقيقي دون أن يراه أو يأتينا هو الآخر بدليل مقنع يثبت وجود إلهه.
المعجزات:
يتشدق المؤمنون بالأديان بما يسمونه بمعجزات النبي أو الإله الذي يعبدونه , ولن تجد دينا يخلو من ذكر معجزات نبيه أو إلهه , وحينما ينظّر رجال الدين لمعجزات أنبيائهم فالسبب هو أنه يجب أن يرى الناس تلك المعجزات حتى يؤمنوا , ولكن ما غاب عنهم هو أن تلك المعجزات المفترضة لم يراها إلا القليل من البشر ( هذا على فرض حدوث تلك المعجزات ) , فلا أنا ولا أنت ولا أحد في هذا الزمان رأى تلك المعجزات , فإن كان لتلك المعجزات الدور الكبير في جعل الناس يؤمنون بهذا الدين , فلماذا نحرم نحن من رؤية تلك المعجزات حتى تطمئن قلوبنا للأيمان ؟؟ ومن ثم فمن أصدق ؟؟ المسيحي أم المسلم ؟؟ علما بأن كليهما لم يرى تلك المعجزات !!! أو ليس من حقي أن أطالبهما بدليل على حدوث تلك المعجزات ؟؟ فأين تلك الأدلة , وكيف حدثت تلك المعجزات ؟؟
الانتشار:
يعزو أصحاب الديانات الكبرى قوة دينهم إلى قوة انتشاره واتساع رقعة وجوده , ويطمئنون أنفسهم بأن هذه الأعداد الكبيرة لن تخطئ أبدا , وهنا نجد أن عقلية القطيع هي التي تتحكم في عقولهم , فالمسلمون يتفاخرون بأعدادهم التي ستجلب الفخر لمحمد يوم القيامة أمام ربه , ويبرر أصحاب المذهب السني قوة مذهبهم بأنهم هم الأكثرية من المسلمين , وينظر المسيحي إلى العالم المسيحي بتباه وفخر بأن كل تلك الجموع آمنت بدينه , ولكن لم يسألوا أنفسهم سؤالا مهما ولا بد من طرحه وهو : لماذا ينتشر دينكم في مناطق بعينها أكثر من مناطق أخرى , فالإسلام مثلا يضعف وجوده في الغرب والشرق الأقصى وفي عدة نواحي , وهناك بعض الأديان الكبرى كالبوذية والهندوسية تنتشر في نطاق ضيق جغرافيا إذا ما قورن بالديانات الأخرى , والأكثر أهمية في هذا الموضوع هو أن أكبر الأديان لا يمثل معتنقوه أكثر من خمس البشرية , فماذا عن الباقين ؟؟؟


الفضائل:
إن الثابت عند أهل الإيمان أن أديانهم قد دعت للفضيلة ومكارم الأخلاق , ولا يخلو دين في العالم من الدعوة لها , وإن اختلف شكل الفضيلة , فالمسلم يعتبر أن حجاب زوجته من الفضائل , بينما تختلف النظرة عند غيره من الأديان الأخرى , ولكن ليس من حق الأديان أن تدعي أنها من جاءت بالأخلاق فهي تراث إنساني قديم , ولم يكن الإنسان بحاجة للأديان حتى يلتزم بمكارم الأخلاق , ولكن جاءت تلك الأخلاق من وحي البيئة التي خرج منها ذاك الدين , وبالتالي فإن القول بأن دعوة الأديان للفضيلة هي ليست بالدليل المقنع للإيمان بدين دون الآخر فكل الأديان دعت إليها.



من خلال ما سبق نرى أن جميع الأديان تتشابه في فرضياتها الأساسية ويبقى الاختلاف في التفاصيل قائما بينهم , ولكن المشكلة أن كل دين لا يعترف إلا بنفسه , وفي الوقت الذي تجدهم يتجاهلون فيه الظرف المكاني والزماني والذي جعلهم يؤمنون بدينهم , تجدهم يدافعون وبشراسة عن دين ورثوه , وإله لم يروه , ومعجزات لم يلموسها , وفضائل يدعونها لدينهم وهي شائعة في كل الأديان ,,,
سؤالي للمسلم والمسيحي والهندوسي وكل ذي دين :





ولماذا دينكم بالذات ؟؟؟؟



السبت، 7 نوفمبر 2009

القرآن كتاب متناقض وغير واقعي





شهد شاهد من أهلها , فمهما طال عمر الخديعة فإنها لن تبقى للأبد , فالقرآن يعترف بما لا مجال للشك فيه , بأن كتاب الله يجب ألا يكون فيه اختلاف , وإلا فقد أصبح من عند غير الله حيث يقول : { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا } [سورة النساء: 82].
وهنا وقبل أن نبدأ فلعل من الحكمة أن نأتي بشرح علماء المسلمين لهذه الآية
ورد في فتح القدير للإمام الشوكاني ما نصه (تفاوتاً وتناقضاً، ولا يدخل في هذا اختلاف مقادير الآيات، والسور؛ لأن المراد اختلاف التناقض والتفاوت، وعدم المطابقة للواقع، وهذا شأن كلام البشر لا سيما إذا طال، وتعرّض قائله للإخبار بالغيب، فإنه لا يوجد منه صحيحاً مطابقاً للواقع إلا القليل النادر).
أما في تفسير الفخر الرازي : (أي لكان بعضه وارداً على نقيض الآخر، ولتفاوت نسق الكلام في الفصاحة والركاكة).
وورد في تفسير البيضاوي ما نصه:
({ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله } أي ولو كان من كلام البشر كما تزعم الكفار. { لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً } من تناقض المعنى وتفاوت النظم، وكان بعضه فصيحاً وبعضه ركيكاً، وبعضه يصعب معارضته وبعضه يسهل، ومطابقة بعض أخباره المستقبلة للواقع دون بعض، وموافقة العقل لبعض أحكامه دون بعض، على ما دل عليه الاستقراء لنقصان القوة البشرية. ولعل ذكره ها هنا للتنبيه على أن اختلاف ما سبق من الأحكام ليس لتناقض في الحكم بل لاختلاف الأحوال في الحكم والمصالح).
من خلال ما سبق فإنه لكي يكون القرآن كتابا من عند الله فلا بد من توافر الشروط التالية :
1-عدم التناقض والتفاوت
2-المطابقة للواقع
3-ألا يكون بعضه وارداً على نقيض الآخر
4-عدم تناقض المعنى وتفاوت النظم
5-موافقة العقل لجميع أحكامه
وحتى لا نطيل في الكلام عليكم فسوف نأخذ بعدة أمثلة لتبيان هل التزم القرآن بتلك النقاط أم لا ولنبدأ :
أولا :
يقول القرآن " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شيء عليم البقرة : 29 ]ومن ثم يقول
" أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أم السَّمَاء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالأرضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا ماءها ومرعاها وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ "[ النازعات : 27 \ 33 ]
والتناقض هنا واضح جلي فهو في الآية الأولى قد خلق الأرض وما عليها ثم ذهب بعدها ليبني في السماء , بينما في الآية الثانية حصل العكس فهو بنى السماء وخلق ليلها وضحاها , ومن ثم خلق الأرض وما عليها من نبات وحيوان وجبال.
وقد يقول المؤمن: المعروف أن الخلق هو الإيجاد من العدم..أما الدحي فهو معنى البسط، ولا يكون البسط إلا لشيء قد وجد سابقاً أي أن الله قد خلق الأرض دون أن يدحوها وبعد ذلك بنى السماء ومن ثم عاد للأرض ليتم بناءها. ولكن عزيزي المؤمن لعلك لم تنتبه إلى أنه في الآية الأولى خلق الأرض وخلق ما عليها , ومن ثم بنى السماء , أي أن مقادير الأرض قد خلقت قبل بناء السماء كما في الآية الأولى , بينما في الآية الثانية تتحدث أن الله قد خلق مقادير الأرض بعد أن فرغ من بناء السماء.
إذن فالقرآن قد أخل بالشرط الأول ووجدنا فيه تناقضا وتفاوتا





.
ثانيا :
يقول القرآن : إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ
من المعلوم أن هذه الآية نزلت في معركة بدر والتي كانت المواجهة العسكرية الأولى بين جند محمد وبين قريش , وبغض النظر عن حصيلة هذه المعركة ومن انتصر , فالتاريخ يؤكد انتصار المسلمين في تلك المعركة , وهذا ما قد يجعل المؤمنين يصدقون هذه الآية , ولكن لم يسأل أحدهم وكيف كان تدخل الملائكة في تلك المعركة , وما بالكم بمعركة يشترك فيها ملاك واحد فما بالكم بألف , لو صدق القرآن في مقولته لكان المسلمون احتلوا العالم كله بأقل من نصف هذا العدد , ورغم ذلك فإننا نعرف أن حصيلة قتلى قريش في تلك المعركة لم يتعدى الثمانين , فهل لمسلم أن يعتقد بأن معركة كهذه اشترك فيها الملائكة فعلا !!!! ومن ثم فعلى فرض أنهم شاركوا فعلا فإن هذا على الأقل ينفي أن يكون للمسلمين أي أفضلية في تحقيق هذا النصر .
ثالثا :
يقول القرآن : {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (59) سورة الفرقان
ويقول في موضع آخر : قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9} وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ {11}‏ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ {12} سورة فصلت
إذن فالآية الأولى تقول وبشكل واضح بأن خلق السموات والأرض جاء في ستة أيام قط , وبعيدا عن تطابق هذا الإدعاء مع حقائق العلم , ولكن دعونا ننظر للآية الثانية في عملية حسابية بسيطة فرب القرآن يقول بأنه قد خلق الأرض في يومين و وقدر أقواتها وما عليها في أربعة أيام , ثم بنى السماء في يومين , فيكون المجموع ثمانية أيام , مما يتناقض مع الآيات التي تذكر الخلق في ستة أيام , ولكن ستجد من المسلمين من يقول لك بأن الآية 9 من سورة فصلت هي جزء من الآية 10 بمعنى أنه خلق الأرض في يومين أما عملية الخلق وتقدير الأرزاق فكانت كلها 4 أيام , ولكن ما يغيب عنهم أن الآية رقم 10 قد خصصت تلك الأيام الأربعة فقط لتقدير الأرزاق وليس للخلق , فالخلق ذكر في الآية رقم 9 وما تلاها من تقدير الأرزاق جاء في الآية رقم 10.
هذا من ناحية حسابية أما من الناحية العلمية فإنه لا يوجد شيء اسمه سماء من الأصل , ومعلوم بأن عمر الأرض هو 4.6 مليار عاماً؟ بينما يزيد عمر الكون عن 13 مليار عام , بمعنى أن نشأة الكون كانت سابقة لنشأة الأرض بمليارات السنين وليس كما يدعي القرآن . إذن فإن القرآن في هذه الآيات لم يناقض نفسه وحسب , ولكنه ناقض العلم أيضا. والمحصلة أنه يناقض الواقع .
رابعا :
يقول القرآن : وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 30].
في هذه الآيات نجد واحدة من المتناقضات العقلية التي يحفل بها القرآن , وحينما كنت مخدوعا بذلك الكتاب كنت أسأل نفسي كيف لله أن يستشير خلقه في مسألة هو وحده من يعلم بها , وكيف علم الملائكة بأن هذا الإنسان سيكون قاتلا وسافكا للدم , فإما أن الملائكة قد اغتابوا آدم وظنوا فيه ظن السوء حيث لم يكن قد خلق بعد , أو أنهم كانوا يعلمون بالغيب مما يعني أن الله لم يكن وحده من يعلم الغيب , ومن ثم فإننا نجد الملائكة تذكر الله بعبادتهم وتقديسهم له , فهل نسي الله ذلك ؟؟


خامسا :
يقول القرآن :
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ , فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ , َسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ,قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ , قالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ , قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ , وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ , قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ , قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ , إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ , قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) سورة الحجر 28-40
والآن دعونا ندقق في تلك الآيات لأنها تشرح بداية المأساة الإنسانية على وجه الأرض , وقد تكون تلك الآية من أكثر آيات القرآن أهمية , فالآيات تبدأ بأن الله قد أخبر ملائكته بأنه سوف يخلق آدم من طين حتى إذا ما خلقه وجب عليهم أن يسجدوا له , وهنا يتبادر السؤال ولماذا يطلب الله منهم السجود لمخلوق وهو قد أمر خلقه بعدم الجود إلا له , وما هي الحكمة من أن يسجدوا لمن قد أفسد في الأرض وقتل ونهب ودمر , أولم يكن من الأجدر بالله أن يأمر الإنسان بأن يسجد للملائكة المعصومون من الخطأ , ومن ثم نقول أو لم يكن إبليس على حق حينما رفض السجود لآدم وهو من عبد الله حق عبادته ولم يقصر في واجباته نحو الله , لنجد إبليس يتحدى الله بعدها بأنه سوف يغوي سلالة آدم ويتوعدهم أمامه , فما كان من الله إلا أن أمهله إلى يوم القيامة , فما الذي جعل الله يسمح له بالإفلات من العقاب , وكيف سمح له بأن يغوي آدم , علما بأن آدم وقتها لم يكن قد اقترف ذنبا , أولم يكن الله على علم مسبق بنزول آدم إلى الأرض , فلماذا سمح لإبليس بدخول الجنة لإغواء آدم رغم أنه قد طرده منها , فهل استطاع إبليس أن يتحدى الله مرة أخرى بالدخول للجنة ؟؟ فالقصة هذه تحتاج إلى إنسان ساذج كي يصدقها ويستطيع أن يتقبلها .





أعزائي : قدمت لكم غيثا من فيض , والمتتبع للقرآن سيجد أمثلة أخرى كثيرة تؤكد بأن القرآن كتاب متناقض وهزيل في معانيه ومنافي للواقع والعلم والمنطق


أخوكم سهران