أصبح الحجاب اليوم مظهرا من مظاهر انتشار ما يسميه المسلمون اليوم بالصحوة الدينية , وصار موضوعا مثيرا للنقاش ليس فقط في الشرق الغارق في جهالات الدين وحسب , إنما انتشرت حمى الحديث بشأنه داخل المجتمعات الغربية التي ساءها انتشار هذا اللباس وسط الحضارة والجمال , فصار منظر المحجبة مدعاة للاستفزاز والشعور بمحاولة المسلمين غزو أوروبا من جديد , وذلك لن يكون بالغزو العسكري فقد أصبح المسلمون كما تنبأ نبيهم كغثاء السيل , وصاروا ملطشة الشعوب الأخرى , إنما هذه المرة سيغزونها بالهجرات المتواصلة , والتكاثر العددي عن طريق كثرة الإنجاب وهذا ما يفسر ازدياد أعدادهم في الغرب , بعكس ما يروج له الإسلاميون من انتشار الإسلام بين أوساط الأوروبيين , واليوم أريد أن أقدم لكم قراءة مختلفة نوعا ما عن كتاباتي السابقة , فاليوم سوف أقوم بدور بالتأكيد لن يعجب المسلمين , ولكني أعتبره نوعا من تلطيف الصورة المأخوذة عنهم , وذلك من خلال تفنيد ظاهرة الحجاب ’ ولكن ليس من وجهة نظر لادينية , إنما من خلال النظر في الأدلة الدينية التي يسوق لها دعاة الحجاب , والتبين ما إذا كان الحجاب هو فعلا من شعائر الإسلام الأول , أم أنه من نتاج الفكر الإسلامي الذي تراكم على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان , وهنا أقصد بالإسلام الأول هو ما تركه القرآن وكتب الحديث , والتي تعتبر أقدم ما دون في الإسلام , وقبل أن أبدا في مقالي هذا أود أن أؤكد بأن مقالي هذا لا يعد بأي حال من الأحوال ردة إلى الوراء , كما قد يتوقع بعض الأصدقاء , بل هو محاولة لإظهار تلك القدرة البشرية على اللعب بذلك الدين الذي يسمونه بالسماوي , من أجل فرض آرائهم الخاصة , عن طريق توضيح الفرق بين النصوص التي يتشدق بها المؤمنون , وبين حقيقة ما هو واقع فعليا .

من دراستي لموضوع الحجاب وجدت ضعف الدليل القرآني أو السني لموضوع الحجاب , حيث يتحجج المسلمون بآيات تكاد تكون بعيدة كليا عما هو موجود حاليا , ودعونا ندرس تلك الآيات وهي تنحصر في سورتي النور والأحزاب المدنيتين،وهذه الآيات هي:
* [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ] (الأحزاب: 59).
وهنا نلاحظ أن الآية بدأت بمخاطبة محمد بصفة النبوة كنبي , وليس كرسول , وهنا لن نكون متجنيين على أحد عندما نذكركم بالفرق بين معنى النبوة والرسالة , إذ النبي ينبّأ لنفسه ولا يطلب منه التبليغ , أما الرسول فهو نبي ولكن يطلب منه تبليغ ما بلّغ به , وما يلفت الانتباه في هذه الآية هو أنها لم تأت لتفرض على المسلمة حجابا كالذي نراه اليوم , بل كان له هدف آخر , وكان كما بدا لنا أنه عبارة عن تشريع طبقي , وحتى نتبين أولاْ صدق هذه المقولة فلنعد إلى سبب نزولها أولا وذلك بطبيعة الحال سوف يكون من خلال العودة إلى كتب التفاسير , والتي لولاها لكان القرآن كتابا أجوفا لا معنى له , وخير ما نبدأ به من تفسير الطبري حيث يقول من جملة ما يقول: يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ , لَا يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ فِي لِبَاسهنَّ إِذَا هُنَّ خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتهنَّ لِحَاجَتِهِنَّ , فَكَشَفْنَ شُعُورَهُنَّ وَوُجُوهَهُنَّ , وَلَكِنْ لِيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ , لِئَلَّا يَعْرِض لَهُنَّ فَاسِق , إِذَا عَلِمَ أَنَّهُنَّ حَرَائِر بِأَذًى مِنْ قَوْل ,ويقول ابن كثير : يَقُول تَعَالَى آمِرًا رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَنْ يَأْمُر النِّسَاء الْمُؤْمِنَات الْمُسْلِمَات - خَاصَّة أَزْوَاجه وَبَنَاته لِشَرَفِهِنَّ - بِأَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ لِيَتَمَيَّزْنَ عَنْ سِمَات نِسَاء الْجَاهِلِيَّة وَسِمَات الْإِمَاء , ويقول أيضا : وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو صَالِح حَدَّثَنِي اللَّيْث حَدَّثَنَا يُونُس بْن يَزِيد قَالَ وَسَأَلْنَاهُ يَعْنِي الزُّهْرِيّ هَلْ عَلَى الْوَلِيدَة خِمَار مُتَزَوِّجَة أَوْ غَيْر مُتَزَوِّجَة ؟ قَالَ عَلَيْهَا الْخِمَار إِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَة وَتُنْهَى عَنْ الْجِلْبَاب لِأَنَّهُ يُكْرَه لَهُنَّ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ الْمُحْصَنَات , والوليدة هنا هي الأمة , ويقول أيضا : وَقَوْله " ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ " أَيْ إِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ عَرَفَهُنَّ أَنَّهُنَّ حَرَائِر لَسْنَ بِإِمَاءٍ وَلَا عَوَاهِر , ويقول تفسير الجلالين : "يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبهنَّ" جَمْع جِلْبَاب وَهِيَ الْمُلَاءَة الَّتِي تَشْتَمِل بِهَا الْمَرْأَة أَيْ يُرْخِينَ بَعْضهَا عَلَى الْوُجُوه إذَا خَرَجْنَ لِحَاجَتِهِنَّ إلَّا عَيْنًا وَاحِدَة "ذَلِكَ أَدْنَى" أَقْرَب إلَى "أَنْ يُعْرَفْنَ" بِأَنَّهُنَّ حَرَائِر "فَلَا يُؤْذَيْنَ" بِالتَّعَرُّضِ لَهُنَّ بِخِلَافِ الْإِمَاء فَلَا يُغَطِّينَ وُجُوههنَّ فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَعَرَّضُونَ لَهُنَّ "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا" لِمَا سَلَفَ مِنْهُنَّ مِنْ تَرْك السِّتْر "رَحِيمًا" بِهِنَّ إذْ سَتَرَهُنَّ ,
وهنا أكون قد نقلت لكم من تفسيرات كبار العلماء المسلمين لهذه الآية , لنصل إلى الحقيقة التالية :
إن ما ورد في الآية كان درءا للمخاطر التي سوف تتعرض لها المسلمة الحرة من فساق المدينة , وترك للإماء أن يخرجن بدون جلباب , وهذا يعطينا فكرة واضحة بأن تلك الآية لم تكن إلا تشريعا طبقيا , بهدف الحفاظ على شرف الحرة , بينما تركت الجواري ليكونوا وليمة سهلة للفساق .
أما أكثر ما يثير غرابتي من هذه الآية هو اعترافها بوجود الفساق في مجتمع الرسول الذي ما فتئ شيوخنا يطالبون بالعودة إليه , بل نجد أنه قد كان فيهم العواهر, وجاءت الآية ليس لمنعهم من فعلهم هذا الذي لن تجد دولة متحضرة تقبل به , بل لإعطائهم علامة تدلهم على أي من النساء يعتدون , حيث لن تستطيع بناتنا أن يخرجن من بيوتهن إلا وقد شددن على أنفسهن الجلابيب , ويظهروا عينا واحدة , اتقاء لشر فساق المدينة.

* [ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ] (النور: 30-31).
وقد اختلف المفسرون في تبيان من هي الآية التي سبقت الأخرى في الآيتين السابقتين إلا أن الأرجح لديهم هو أن الآية في سورة الأحزاب قد سبقت تلك التي في سورة النور , ولأننا لا نريد الدخول في جدل عقيم حول ما هي الآية التي سبقت الأخرى , مع ما في ذلك من إنقاص لقيمة الآيتين , ولكن سنأخذ بالقول بأن سورة الأحزاب قد نزلت قبل سورة النور , وبعد أن شرحت لكم الآية في سورة الأحزاب , نأتي للاية في سورة النور , ونلاحظ في الآية أنها قد شرحت وبالتفصيل من هم أولئك الذين سوف تظهر المسلمة زينتها أمامهم , ولكن على فرض أن هذه الآية هي دليل على الحجاب , فلماذا لم يذكر العم أو الخال أو زوج الابنة , مع أننا نعرف تماما أن الإسلام الحالي يبيح للمسلمة كشف شعرها أمامهم , حيث يقول ابن كثير : وَقَالَ لَمْ يَذْكُر الْعَمّ وَلَا الْخَال لِأَنَّهُمَا يَنْعَتَانِ لِأَبْنَائِهِمَا وَلَا تَضَع خِمَارهَا عِنْد الْعَمّ وَالْخَال , ومعنى ذلك أن العم والخال ليسوا ممن يباح للمسلمة كشف شعرها أمامهم لأنهم سوف يذهبوا ويصفوها لأبنائهم . فما بال المسلمين قد أباحوا لبناتهم بكشف زينتهن أمام العم والخال طالما أنه لم يصرح لهم بذلك !!! وتأتي الطبقية التشريعية مرة أخرى لتلقي بظلالها حيث يقول ابن كثير : وَقَوْله " أَوْ نِسَائِهِنَّ" يَعْنِي تَظْهَر بِزِينَتِهَا أَيْضًا لِلنِّسَاءِ الْمُسْلِمَات دُون نِسَاء أَهْل الذِّمَّة لِئَلَّا تَصِفهُنَّ لِرِجَالِهِنَّ وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحْذُورًا فِي جَمِيع النِّسَاء إِلَّا أَنَّهُ فِي نِسَاء أَهْل الذِّمَّة أَشَدّ فَإِنَّهُنَّ لَا يَمْنَعهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَانِع فَأَمَّا الْمُسْلِمَة فَإِنَّهَا تَعْلَم أَنَّ ذَلِكَ حَرَام فتزجر عَنْهُ , أي أنه حتى المسيحية واليهودية لا يجوز للمسلمة أن تكشف زينتها أمامها , بل إنه يكاد يكون مكروها حتى أمام المسلمات أنفسهم حسب قوله , لأنهن سوف يقمن بالوصف , وهنا طبعا نلحظ أن التفسير قد ابتعد عن النص القرآني , وعن ما هو حاصل فعلا في تصرفات المسلمين اليوم .أما وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا فقد اختلف المفسرون في تحديد تلك الزينة التي لا يمكن إخفاؤها , ويلاحظ في هذه الآيات عدم ورود نص نبوي يعلق عليها , إلا ما كان من ردود الفعل من قبل الصحابة : وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن يُونُس حَدَّثَنِي الزِّنْجِيّ بْن خَالِد حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم عَنْ صَفِيَّة بِنْت شَيْبَة قَالَتْ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْد عَائِشَة قَالَتْ فَذَكَرْنَ نِسَاء قُرَيْش وَفَضْلهنَّ فَقَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا إِنَّ لِنِسَاءِ قُرَيْش لَفَضْلًا وَإِنِّي وَاَللَّه مَا رَأَيْت أَفْضَل مِنْ نِسَاء الْأَنْصَار أَشَدّ تَصْدِيقًا لِكِتَابِ اللَّه وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَة النُّور " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبهنَّ " اِنْقَلَبَ رِجَالهنَّ إِلَيْهِنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْهِمْ فِيهَا وَيَتْلُو الرَّجُل عَلَى اِمْرَأَته وَابْنَته وَأُخْته وَعَلَى كُلّ ذِي قَرَابَته فَمَا مِنْهُنَّ اِمْرَأَة إِلَّا قَامَتْ إِلَى مُرْطهَا الْمُرَحَّل فَاعْتَجَرَتْ بِهِ تَصْدِيقًا وَإِيمَانًا بِمَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ كِتَابه فَأَصْبَحْنَ وَرَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَجِرَات كَأَنَّ عَلَى رُءُوسهنَّ الْغِرْبَان , و هنا نلحظ أن ذلك الفعل كان من اجتهاد نساء الأنصار , ولم يرد عن الرسول ما يفيد بتأكيد أو نفي هذا العمل , ولو أن المسلمون يعتبرون أن ما سكت عنه النبي يعتبر إقرارا له وبالتالي أصبح سنة , ولو كان فرضا من عند الله لقام إليهم محمد نفسه وأمرهم بذلك , إنما ترك لهم الاجتهاد في فهم تلك الآية , وأقرهم بذلك كونه لم ينفي الأمر , إلا أن الأمر يبقى مجرد سنة وليس فرض كما يحلو للمسلمين القول , أما أغرب ما في التفاسير بخصوص هذه الآية ما نجده في تفسير الطبري حيث يقول : كَتَبَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِمَا : أَمَّا بَعْد , فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاء يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَات وَمَعَهُنَّ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب , فَامْنَعْ ذَلِكَ وَحُلْ دُونه ! قَالَ : ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَة قَامَ فِي ذَلِكَ الْمَقَام مُبْتَهِلًا : اللَّهُمَّ أَيّمَا امْرَأَة تَدْخُل الْحَمَّام مِنْ غَيْر عِلَّة وَلَا سَقَم تُرِيد الْبَيَاض لِوَجْهِهَا , وهنا مع ما نلحظه من كون هذا الفعل من اجتهاد الصحابة , إلا أننا نلحظ أن أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح رفض للمسلمة أن تستحم إلا لعلة أو سقم , ويقولوا بعدها بأن الإسلام قد كرم المرأة , فأي تكريم هذا الذي يريد للمسلمة أن تكون كالجيفة المنتنة , وهل يصح أن تؤخذ اجتهادات الصحابة كمأخذ علينا اليوم !!!

آية الحجاب :
* [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا ] (الأحزاب: 53).
وهذه الآية تعرف بأنها آية الحجاب , ومن اسمها يأتي شيوخ المسلمين ليذكروا المسلمة بحجابها دون أن يذكروا لهم ما هي آية الحجاب , وكثير من المسلمات تظن بأنها الآية 31 من سورة النور سالفة الذكر , إلا أن هذه المعلومة هي من افتراء مشايخ الإسلام ومدعوذيهم , إذ يكفي أن نذكر أولا بأن كلمة الحجاب قد ذكرت في القرآن سبعة مرات , وتعني كلمة الحجاب أي الساتر , ولم تكن تعني حجاب المسلمة إلا في عرف شيوخ اليوم , عن ابن شهاب أن أنسا قال : أنا أعلم الناس بالحجاب كان أبي بن كعب يسألني عنه : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنت جحش وكان تزوجها بالمدينة فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس معه رجال بعد ما قام القوم حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى ومشيت معه حتى بلغ باب حجرة عائشة ثم ظن أنهم خرجوا فرجعت معه فإذا هم جلوس مكانهم فرجع ورجعت معه الثانية حتى بلغ باب حجرة عائشة فرجع ورجعت معه فإذا هم قد قاموا فضرب بيني وبينه سترا وأنزل الحجاب . رواه البخاري ( 5149 ) ومسلم ( 1428 , فهذه الآية وبكل بساطة تطلب من المؤمنين ألا يكلموا زوجات النبي إلا من وراء حجاب وهو الستار الذي يسدل بين غرفهم والمسجد , حيث كانت غرفهن ملاصقة للمسجد , يقول ابن كثير : هَذِهِ آيَة الْحِجَاب وَفِيهَا أَحْكَام وَآدَاب شَرْعِيَّة وَهِيَ مِمَّا وَافَقَ تَنْزِيلهَا قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَافَقْت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي ثَلَاث قُلْت يَا رَسُول اللَّه لَوْ اِتَّخَذْت مِنْ مَقَام إِبْرَاهِيم مُصَلًّى فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقَام إِبْرَاهِيم مُصَلًّى " وَقُلْت يَا رَسُول اللَّه إِنَّ نِسَاءَك يَدْخُل عَلَيْهِنَّ الْبَرّ وَالْفَاجِر فَلَوْ حَجَبْتهنَّ فَأَنْزَلَ اللَّه آيَة الْحِجَاب , وَقُلْت لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَمَالَأْنَ عَلَيْهِ فِي الْغَيْرَة " عَسَى رَبّه إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ " فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ ,
وفي تفسير الجلالين : "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ" أَيْ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَتَاعًا فَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب" سِتْر "ذَلِكُمْ أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ" مِنْ الْخَوَاطِر الْمُرِيبَة "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُول اللَّه" بِشَيْءٍ "وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجه مِنْ بَعْده أَبَدًا إنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْد اللَّه" ذَنْبًا
ويقول الطبري : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه , إِنَّ نِسَاءَك يَدْخُل عَلَيْهِنَّ الْبَرّ وَالْفَاجِر , فَلَوْ أَمَرْتهنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ آيَة الْحِجَاب.
وهنا يتضح لنا بأن هذه الآية كانت مقصودة بزوجات النبي , ولم يرد في التفاسير خلاف ذلك .ونلحظ بعدها من الأحاديث التي تتكلم عن الحجاب ورودها على لسان زوجات النبي , دون سواهن من المسلمات .

* [ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ] (الأحزاب: 33).
وهذه الآية يستخدمها شيوخ الإسلام في محاولتهم لاصطياد أي شبهة تفرض على المسلمة ذلك الحجاب , ولكن يتجاهلون أن هذه الآية لها ما قبلها : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً , وهنا نجد مرة أخرى كيف هي الانتقائية في التعامل مع النصوص , فهم يتمسكون بقوله وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى , بينما يتجاهلون أن هذا النص هو مخصص لنساء محمد حيث : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء , فنساء محمد لهن وضع خاص فهن محرمات على المسلمين ولا يجوز نكاحهن بعد محمد , وهن كذلك نزلت فيهن تلك الآية دون سواهن من النساء و ولو جاز للمسلم بأن يقول بأن زوجات النبي هن قدوة لبقية المسلمات , لوجب على المسلمة أن تبقى في بيتها ولا تخرج منه و ولحرم عليها الزواج من بعد زوجها ,
يقول القرطبي : مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة الْأَمْر بِلُزُومِ الْبَيْت , وَإِنْ كَانَ الْخِطَاب لِنِسَاءِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ دَخَلَ غَيْرهنَّ فِيهِ بِالْمَعْنَى . هَذَا لَوْ لَمْ يَرِد دَلِيل يَخُصّ جَمِيع النِّسَاء , كَيْف وَالشَّرِيعَة طَافِحَة بِلُزُومِ النِّسَاء بُيُوتهنَّ , وَالِانْكِفَاف عَنْ الْخُرُوج مِنْهَا إِلَّا لِضَرُورَةٍ , عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْر مَوْضِع . فَأَمَرَ اللَّه تَعَالَى نِسَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُلَازَمَةِ بُيُوتهنَّ , وَخَاطَبَهُنَّ بِذَلِكَ تَشْرِيفًا لَهُنَّ , وهنا أيضا نجد أن تعميم الآية على جميع المسلمات هو نتاج الاجتهاد الفقهي وليس من طريق نص واضح سواء كان قرآنا أو حديثا , وهو وإن كان اجتهادا صحيحا , فالاجتهاد ليس بالدين , بل هو وجهة نظر في الدين , كما أن الآية اختتمت بالحديث عن تطهير آل البيت من الرجس , فإن كان الأمر موجها لآل البيت فما ذنب بقية المسلمات في ذلك , وهل يوجد في كل بيت نبي حتى تعمم هذه الآية على الجميع !!!!
* [ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ] (النور:60).
وفي تفسير الجلالين وَالْقَوَاعِد مِنْ النِّسَاء" قَعَدْنَ عَنْ الْحَيْض وَالْوَلَد لِكِبَرِهِنَّ "اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا" لِذَلِكَ "فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاح أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابهنَّ" مِنْ الْجِلْبَاب وَالرِّدَاء وَالْقِنَاع فَوْق الْخِمَار "غَيْر مُتَبَرِّجَات" مُظْهِرَات "بِزِينَةٍ" خَفِيَّة كَقِلَادَةٍ وَسِوَار وَخَلْخَال "وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ" بِأَنْ لَا يَضَعْنَهَا "خَيْر لَهُنَّ وَاَللَّه سَمِيع" لِقَوْلِكُمْ "عَلِيم" بِمَا فِي قُلُوبكُمْ , وهنا نلحظ بأن القرآن قد جعل للعجوز الكبيرة الحق أن تخفف من ثيابها طالما بلغت سن اليأس , ولكن ماذا لو تبرجت العجوز ووضعت كل مساحيق الزينة , فهل سيرغب بها الرجال ؟؟؟ من قال نعم فليراجع أقرب مستشفى نفسي فورا , فلماذا منع الله المسلمة من التزين حتى لو كبرت في السن ؟؟ إن هذا يضعنا أمام تحليل آخر للآية , حيث طالما أنه من حق العجوز طرح شيء من ثيابها , فنحن أمام نفي لأن تكون المرأة عورة لأنها امرأة , والموضوع يتعلق بمجتمع فيه من الفساق من لم يؤدبهم الدين ولم يكن لهم من الإيمان شيء , فهنا نتحدث عن ثقافة اجتماعية تفرض نفسها , وكما استجاب الله لطلب عمر بحجاب زوجات النبي , فهو سوف يقدر الظرف الاجتماعي الذي نزلت من بينه تلك الآيات ,
الحديث النبوي :
وهذه بعض الأحاديث التي يستخدمها الشيوخ لإثبات نظرتهم للموضوع :
1- روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صنفان من أهل النار لم أرهما رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها )
ويستعمل شيوخ الإسلام هذا الحديث اليوم وتفسيره بأن الكاسيات العاريات هن من يلبسن من اللباس ما لا يستر أجزاء من الجسم , بل ويتمادون ليذكروا أضرار اللباس الكاسي العاري , واستخدام هذا الحديث لتخويف المسلمة من لبس الملابس الكاشفة للجسد.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ) فقد فسر ذلك أهل العلم بأن معنى " كاسيات " يعني من نعم الله ." عاريات " يعني من شكرها ، لم يقمن بطاعة الله ، ولم يتركن المعاصي والسيئات مع إنعام الله عليهن بالمال وغيره ، وفسر الحديث أيضا بمعنى آخر وهو أنهن كاسيات كسوة لا تسترهن إما لرقتها أو لقصورها ، فلا يحصل بها المقصود ، ولهذا قال : " عاريات " ، لأن الكسوة التي عليهن لم تستر عوراتهن , والقول هنا لابن باز وليس لبن كريشان , ولاحظوا عدم الاتفاق على معنى واحد له, ولا تعليق
2- روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا- وأشار إلى وجهه وكفيه
حديث مرسل , وليس حديثا صحيحا , ويستخدمه منظرو الحجاب للدلالة على حرمة ظهور غير الكف والوجه , فيما يطعن دعاة النقاب به لكونه ليس حديثا صحيحا والبقية عندكم .
3- الأحاديث التي وردت في كتب التفاسير , كانت جميعها على لسان الصحابة , ونتاج اجتهادهم , ونلحظ الاختفاء المريب لدور النبي في الحديث عن هذا الموضوع في أحاديث صحيحة
مسائل تستحق النظر فيها :
1- العورة : هناك تعريف شائع عند الناس بأنها ما يجمل ستره ويقبح إظهاره , وهناك تفصيلات كثيرة لها عند الفقهاء المسلمين , ويقسموها إلى عدة أنواع , وفي المحصلة فهناك اختلاف كبير في تعريف العورة , وحدودها , بل أن العامل الزمني كان له دوره في تغيير المفهوم العام لها , وما يلفت الانتباه ويستحق الوقوف هو مسألة عورة الأمة , ولنأخذ رأي فقهاء الإسلام الكبار , يقول ابن تيمية : والحجابُ مختصٌّ بالحرائر دون الإماء، كما كانت سُنّةُ المؤمنين في زمن النبي وخلفائه: أن الحُرَّةَ تحتَجِبُ، والأَمَة تبرُز. وكان عمر إذا رأى أَمَةُ مُختَمِرة، ضرَبها وقال: أتتشبهين بالحرائر؟.
ولكنه يقول في موضع آخر : إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ مـن النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً، قـال تعالى فيهن:{ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ } (النور: من الآية60)، يقول: وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر، في باب النَّظر. وعلَّل ذلك بتعليل جيِّدٍ مقبولٍ، فقال: إن المقصود من الحجاب هو ستر ما يُخاف منه الفِتنة بخلاف الصَّلاة، ولهذا يجب على الإنسان أن يستتر في الصَّلاة، ولو كان خالياً في مكان لا يطَّلع عليه إلا الله. لكن في باب النَّظر إنما يجب التَّستر حيث ينظر الناس. قال: فالعِلَّة في هذا غير العِلَّة في ذاك، فالعِلَّة في النَّظر: خوف الفتنة، ولا فرق في هذا بين النِّساء الحرائر والنِّساء الإماء. وقوله صحيح بلا شكٍّ، وهو الذي يجب المصير إليه.
وهنا نلحظ التخبط الذي وقع به شيوخ الإسلام , حيث أن الموضوع يبقى مسألة زمنية وظرفية متعلقة بالحدث الموجود و وليست أصلا ثابتا في الدين , إذ لو كان الموضوع أصلا من أصول الدين , لبقي على حاله , سواء في عهد الرسول أو في عهد صحابته , وهذا ما لم يحصل في قصة الحجاب , وعورة الأمة .

2- تكريم المرأة بالحجاب صونا لها : وهنا يجب أن نتوقف بشكل جدي أمام هذا الادعاء بأن أخلاق المرأة وكرامتها لن تحفظ إلا بارتدائها لأكوام من القماش , فهل عجز الإسلام عن إيجاد طريقة أخرى للحفاظ على أخلاق المسلمة ؟؟ أم لأنها ناقصة عقل ودين وجب عليها العقاب الإلهي ؟؟
إن التذرع بمسألة العفة والخلق الحسن دافعا للبس الحجاب لم تكن أبدا من حيثيات النصوص التي يتذرع بها دعاة الحجاب , بل ونجد أن المدعوذين يلجئون لوصف الرجال بالذئاب البشرية التي لا هم لها إلا ركوب النساء من أجل حث المرأة المسلمة على ارتداء ذلك اللباس , فما رأيكم بدين عجز عن لجم جموح أبنائه بعد 1400 من نزوله , ليبقوا ذئابا متوحشة مولعة بالجنس والنساء ؟؟ فهل تكريم الإسلام للمرأة يستدعي إهانة الرجل بهذه الطريقة ؟؟ ولنا تساؤل : إن كان الإسلام قد بالغ في تكريم المراة ففرض عليها الحجاب اتقاء لعيون الرجال , فلماذا لا يكرم الله الرجال أيضا ويأمرهم بربط ألسنتهم , حيث الرجل يعشق بعينه , والمرأة تعشق بأذنها , فكلمات الرجل هي التي سوف تسحر النساء , فهل يتكرم علينا الإسلام يوما بأن يأمرنا بربط ألسنتنا ؟؟ وإن كنت أظن أنه سيلجأ لأن يفرض على المؤمنات سد آذانهن بالقطن , حتى لا تتسلل كلمات الذئاب البشرية إلى آذانهن!!!
الخلاصة :
من خلال ما سبق , كشفت لكم عن تناقض واضح بين النصوص القرآنية من حيث أسباب نزولها وتفسيراتها و وبين ما هو محدث من دعاة الحجاب اليوم , حيث لم يكن هناك نص واضح يأمر بذلك , ولم يكن هناك حديث عن العفة والطهارة , فخديجة بنت خويلد ماتت , ولم تنزل أي آية من تلك الايات , فهل يأتي لنا أحد المسلمين ليشكك في عفتها وطهارتها ؟؟!!

وفي النهاية فهذه كلمتي أوجهها للمرأة المسلمة قائلا لها : أختاه اخلعي حجابك , ومزقي نقابك , وألقي بجلبابك في أقرب سلة مهملات , فأنت لست بحاجة لأن تكفّني نفسك بتلك الثياب حتى نعرف أنك طاهرة وخلوقة , اخرجي بزينتك وتمتعي بجمالك الذي وهبته لك الطبيعة , ولا تأبهي لأقوال المدعوذين ممن لا هم لهم إلا التنكيد عليك , وحرمانك من حريتك , ليعدوك بعدها بأن أغلب أهل النار هن من النساء , فلا تأبهي لقول كل سفيه , وعيشي حياتك كما تحبين
أخوكم سهران