الثلاثاء، 22 يونيو 2010

لا تناقش ,,, هكذا علمنا الرجل الصالح



لطالما خرج علينا أصدقاؤنا المؤمنون بالقول بأن الإسلام هو دين العلم والحوار والجدال الهادئ , وهذه المقولة تستخدم غالباً عند كل اتهام يوجه للإسلام بأنه قمعي ورافض للآخر , وهذا القول يستدعي منّا بالضرورة أن نتحقق منه قبل أن نرمي التّهم جزافاً على الدين , وهنا عزيزي المؤمن دعني أسألك سؤالاً مهماً وهو : هل تعتقد بأن الله يطلب منك التفكير بما يفرضه عليك , أم أنك مسيّر حسب رغبة هذا الإله , ولا يحق لك النقاش في إيمانك ؟؟
حسناً ,,, دعني عزيزي أجيبك عن هذا السؤال بأن أقول لك : الويل لك كل الويل صديقي إن فكرت في ذلك , أو راودتك نفسك بأن تخوض مع الخائضين , كما يقول لك شيوخك , فيكفيك أيها الأخ المؤمن أن تعلن الخضوع التام لرغبات الإله , وأحكامه الغامضة وتفسيراته الخرافية لقوانين الطبيعة , وإياك ثم إياك أن تحاول ولو لمجرد الفضول أن تناقش , هكذا علمنا الرجل الصالح!!! .
قرأنا كثيراً قصة النبي موسى والرجل الصالح , وأظن بأنكم جميعاً قد تساءلتم كثيراً عن أهداف هذه القصة , والحكمة من سردها , وهي قصة على قدر كبير من الغموض , ويحاول بعض المؤمنين أن يجعل منها قصة ذات
أهداف تربوية عظيمة , ليستقي لنا من تلك القصة آيات من الحكمة لم نكن نعلمها !!!
لا أعلم بالضبط إن كانت قصة الرجل الصالح قد ذكرت في كتاب اليهود التوراة أم لا , ولن أكلف نفسي غالباً بالبحث عنها في التوراة , فهي إن كانت موجودة فعلاً في التوراة , فلعل نبينا قد وجد فيها ضالته باعتبارها القصة الأشد سوءاً في التراث الديني قاطبة , إذ تعلمنا تلك القصة معانٍ لا يقبلها العقل ولا المنطق ولا الضمير , وهي قصة تكشف بوضوح عن غائية المنهج الديني , الذي يريد من أتباعه أن يكونوا أتباعاً بلا أي فرصة للنقاش أو الاستفسار , أتباعاً يؤمنون بالغيب , ويقدموا كل ما أمكن تقديمه للرب على مذبح الإنسانية التي قتلتها الأديان .
تبدأ القصة بأن ادعى موسى العلم على قومه , وكيف لله عالم كل علمٍ أن يقبل بأن يصف إنسان نفسه بالعلم من دونه , فطلب من موسى أن يذهب للقاء عبده الصالح كي يعلمه مما عنده , إلى غاية هذه اللحظة والأمور تسير بطريقة معقولة نوعاً ما , فيكون الاتفاق بأن يلتقي موسى بهذا الرجل عند مجمع البحرين , وليس بالإمكان أن نعرف أي بحرين هؤلاء فليس مهماً أن يشرح لنا الرب عنه شيئاً , ويكون أن ينام موسى ويترك فتاه يقظاً , وإذ بالحوت الذي أحضراه لغذائهما يقفز من مكانه وينطلق إلى البحر , ولو رأى الواحد منا فعلاً كهذا لأقام الدنيا ولم يقعدها و ولكن فتى موسى اكتفى بأن يفتح فمه مستغرباً , ونسي تلك القصة المهولة , وسار مع نبي الله , حتى جاع موسى فطلب من فتاه أن يأتيه بالحوت ,,, هل قلت حوت ؟؟ ربما المقصود نوع آخر من الأسماك , فليس معقولاً أن يفترس نبي الله حوتاً كاملاً لوحده !!! حسناً ها هو فتى موسى النبيه يتذكر أخيراً تلك الحادثة الغريبة , ليقول بان الشيطان قد أنساه الأمر , ولا أعلم هل هذا الشيطان من ذرية إبليس جاء ليرافق موسى في رحلته المقدسة تلك أم هو النفس الأمارة بالسوء !!! ليس مهماً كل هذا , ودعونا نتجاهل مراسم الاستقبال بين موسى والرجل الصالح , فقد بدأت أشعر بالملل من ذكر التفاصيل التي لا فائدة منها , ولا أعرف لماذا يذكرها الله في كتابه , وها نحن ننتقل للدروس العظيمة التي قام الرجل الصالح بتلقينها لموسى .
الدرس الأول : لا تناقش : قال إن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً ( الكهف 70 )
وهنا تبدأ الفصول الأكثر ظلامية في تلك القصة , فها هو الرجل الصالح يشترط على موسى أن لا يسأله شيئاً , ولعل أخوتنا المؤمنين يجادلونا بعدها بان الدين يدعو للحوار والنقاش , ونحن أمام قصة كهذه يستطيع أتفه شيخ أن يستنبط منها حكماً شرعياً بعدم جواز تدخل الدهماء في أمور العلماء الأجلاء ,
لحظة من فضلكم ,,,,,,,,
يوم الجمعة الماضية وقف شيخنا في المسجد ليبرر أخذ حكومة حماس لأموال الضرائب على السجائر رغم أن شيوخهم يعتبرونها محرمة ,, وكان من جملة التبريرات التي ساقها بأنه متأكد بأن حكومتنا الربانية قد استشارت أهل العلم , وبالتأكيد فإن الحكومة قد أخذت منهم فتوى بتحليل هذا , وأنه لا يحق لنا نحن الجهلاء أن نعترض طالما أن أهل العلم قد أباحوا ذلك !! يبدو أن شيخنا قد أعجب بالدرس الأول من قصة الرجل الصالح !!!!!!!!!!!


الدرس الثاني : هل تتذكرون أصدقائي قصة الدبة اللي قتلت صاحبها ؟؟؟ إنها تلك الدبة التي رأت ذبابة تقف على وجه صاحبها النائم , فأشفقت على صاحبها من أن توقظه تلك الذبابة اللعينة , فأمسكت بحجرٍ ضخم وألقته على وجه صاحبها كي تهش بها على الذبابة , آاااااخ لا أستطيع تخيل مصير الرجل , ولكن أيضاً هذا ما فعله الرجل الصالح ذي العلم المتين , فقد صعد إلى سفينة مع نبي الله موسى , وبدلاً من أن يستقر في مكانه , قام صاحب العلم بخرق السفينة , فلما اعترض موسى على ذلك العمل , نهره الرجل على سؤاله وقال له : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً , وفي نهاية القصة وضح الحكمة من ذلك بأن قال : أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً ( الكهف 79) , لا أعرف إن كان يتوجب عليّ الضحك أم البكاء من هذا الموقف, و ودعونا نفكر فيه بمنطقية , فلو كان هذا العيب بسيطاً فلن يغير هذا من الأمر شيئاً , وسوف يأخذ ذلك الملك السفينة , أما إن كان العيب كبيراً , حينها بالفعل لن يستطيع الملك أن يأخذ السفينة التي سوف تنزل إلى القاع بفضل بركات الرجل الصالح , وسوف يضطر موسى وصديقه أن يعودا للشاطئ بذات الطريقة التي حصلت مع صديقنا
أبو العربي !!! وهنا أيضاً أعزائي يستطيع شيوخنا استنباط حكمٍ شرعي , بعدم جواز اعتراضنا على ما قد نراه ظلماً يرتكبه ولي الأمر المسلم , فهو محاط بكوكبة من العلماء والرجال الصالحين على شاكلة رجل موسى , وينبغي عليكم أيها الأخوة أن تؤمنوا إيماناً عميقاً بما قد فعلوه , حتى وإن كان ظاهره الغباء والأذى كما فعل رجلنا الصالح !!!!
صدقاً أيها الأخوة فأنا لا أتهكم , ولا أبالغ في قولي هذا , فقد تعودنا من شيوخنا أن ينقبوا في أمهات الكتب , وما قد نساه الناس منها , ليخرجوا منها , ولو بكلمة تافهة قالها أحدهم ليُخرجوا لنا منها حكماً شرعياً , ولو دققتم أيها الأحبة في الفتاوى التي يطلقها شيوخ الإسلام , لوجدتم بأنهم قد استندوا في فتواهم تلك إلى دليلٍ لم يسمع به أغلب الناس, فلو حصل أن أحد الصحابة قد سها ففسا فوق بئر ماء , لخرج علينا عالمٌ جليل بكتابٍ قيمٍ اسمه ( الحجة العصماء في جواز الفساء فوق بئر ماء ) !!!!!
حسناً أصدقائي دعونا نترك موسى وصديقه يجففا ملابسهما بعد تلك الحادثة اللعينة ونمضي لدرس آخر من دروس الرجل الصالح .
الدرس الثالث : اقتل باسم الله
قبل عدة سنوات خرج علينا شيخ حماس أحمد ياسين بحكمٍ أو دعونا نسميها فتوى شرعية هزت ضميري , وذلك حينما أباح قتل الأطفال الإسرائيليين , وكان تبريره لهذا الحكم لأنهم وبكل بساطة سوف يكبروا في الغد , ويصبحوا جنوداً في جيش الاحتلال , وبناءً عليه فإنهم قد أصبحوا جنوداً وجب قتلهم , وهذه الفتوى تشبه مثيلتها التي خرج علينا بها حاخام اليهود عوفاديا يوسف عندما أباح لجيش الاحتلال قتل أطفالنا الفلسطينيين بحجة أنهم سوف يكونون إرهابيين في المستقبل , وكم يشد انتباهي ذلك التشابه بين حاخامات اليهود وحاخامات الإسلام !!!


لم يكن شيخنا الياسين خارجاً على الشرع عندما قال فتواه تلك أبداً , بل إن ما قاله قد جاء من وحي الشريعة الغرّاء , فقصة الرجل الصالح تعلمنا درساً آخر فحواه تطابق ما قاله شيخنا , فقد سار موسى مع الرجل الصالح فوجدوا أطفالاً يلعبون , فذهب ذلك الصالح إلى أحد الأطفال فاقتلع رأسه كما تقول إحدى الروايات , أو على الأقل فقد قتله كما ذكر القرآن , وهنا أعزائي فأنا لن أشك بأن أي واحدٍ منكم سوف يقشعر جسده من هكذا فعل , مثلما حدث مع نبي الله موسى الذي أنكر على صاحبه تلك الفعلة الشنعاء التي لا يقبلها من كان في دمه ذرّة من ضمير حي , ولكن الرجل الصالح برّر فعلته تلك بأن الطفل هو لأبوين مؤمنين , وسوف يكون في المستقبل كافراً يجلب الهم والحزن لأبويه فكان قتله رحمة بأبويه !!
أظنكم جميعاً قد انتبهتم للنقطة المهمة وهي أنه لأبوين مؤمنين , ورغم ذلك فقد قتله ذلك الصالح لأنه علم بأنه سوف يكون كافراً , وما ظنّكم أصدقائي بمن كان والديه كفاراً ؟؟!!
عندما نقرأ في القصص الديني عن تلك الشعوب التي أنزل الله عليها عقابه , فإننا نعلم بأنهم كان عندهم أطفال , ورغم ذلك فلم يتوانى الله عن قتلهم , ولا أظن بأن أحداً منكم لم يسمع بتلك الحجة الفارغة التي يسوقها المؤمنون عن رحمة نبيهم , عندما كان يوصي جيوشه الغازية بأن لا يقتلوا الأطفال في غزواتهم ,فما ظنكّم أصدقائي بطفلٍ يقتل أبوه , وتسبى أمه , ويصبح الطفل نفسه عبداً عند احد الأجلاف ؟؟ كم أنت قاسي القلب يا محمد أنت وربك !!!!!
الدرس الرابع : حتى نبي اليهود جشع !!!!
في الموقف الأخير لموسى مع صديقه يذهب الرجلان إلى قرية , ويطلبوا من أهلها الطعام فيرفض أهل القرية ضيافتهم , فيذهب الرجل الصالح إلى حائط يوشك أن يقع فيقوم بترميمه , وتكون علته في الأمر بأنه يوجد تحت الحائط مالٌ لأطفال يتامى فأشفق الرجل الصالح من أن يتهدم هذه الحائط فيذهب معه المال , وهنا ونحن أمام هذا الموقف لا نملك إلا أن نرفع القبعات احتراماً لهذا العمل النبيل , وهي المرة الأولى والأخيرة التي يقوم بها ذلك الرجل بعملٍ نافع , وإذ بموسى يخرج علينا بأنفه المعقوف , وطاقيته الصغيرة المثبتة فوق رأسه ( الصورة التقليدية لليهودي الجشع ) , فيلوم الرجل الصالح على أن يفعل معروفاً بأهل تلك القرية الذين رفضوا إطعامهم !!! ويسأله لو طلب من أهل القرية أجراً على ما فعل !! هل هكذا يفكر أنبياء الله ؟؟ هل هي مشاعر موسى الغاضبة , أم أن الله لم يحسن اختيار أنبيائه ؟؟؟


ليس مهماً أصدقائي أن تشغلوا بالكم بالبحث عن فائدة مرجوة من مثل هكذا قصة , فقد عوّدنا الدين على الطاعة العمياء , وعدم النقاش , وأتمنى ألاّ يقول لي أحد المؤمنين بأن الله قد غيّر أسلوبه عن أسلوب الرجل الصالح , وإلا لما سرد لنا تلك القصة أصلاً !!!
دمتم عقلاء



أخوكم سهران